فَإِذَا رَأَيتَ الرَّجُلَ مِنْ هَؤُلاَءِ الطَّبَقَةِ قَدْ رَوَى عَنْ حَمَّادٍ وَأَبْهَمَهُ، عَلِمتَ أَنَّهُ ابْنُ زَيْدٍ، وَأَنَّ هَذَا لَمْ يُدرِكْ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَكَذَا إِذَا رَوَى رَجُلٌ مِمَّنْ لَقِيَهُمَا، فَقَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَسَكَتَ، نَظَرَتَ فِي شَيْخِ حَمَّادٍ مَنْ هُوَ؟ فَإِنْ رَأَيتَهُ مِنْ شُيُوْخِهِمَا عَلَى الاشْتِرَاكِ، تَردَّدْتَ، وَإِنْ رَأَيتَه مِنْ شُيُوْخِ أَحَدِهِمَا عَلَى الاخْتِصَاصِ وَالتَّفرُّدِ، عَرَفْتَه بِشُيُوْخِه المُخْتَصِّيْنَ بِهِ، ثُمَّ عَادَةُ عَفَّانَ لاَ يَرْوِي عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ إِلاَّ وَيَنسِبُهُ, وَرُبَّمَا رَوَى عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ فَلاَ يَنسِبُهُ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، فَأَمَّا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، فَعَلَى العَكْسِ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عَارِمٌ يَفْعَلُ، فَإِذَا قَالاَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، فَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ, وَمَتَى قَالَ مُوْسَى التَّبُوْذَكِيُّ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، فَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، فَهُوَ راويته وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَيَقَعُ مِثْلُ هَذَا الاشْتِرَاكِ سَوَاءً فِي السُّفْيَانَيْنِ, فَأَصْحَابُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ كِبَارٌ قُدَمَاءُ، وَأَصْحَابُ ابْنِ عُيَيْنَةَ صِغَارٌ، لَمْ يُدْرِكُوا الثَّوْرِيَّ، وَذَلِكَ أَبْيَنُ، فَمَتَى رَأَيتَ القَدِيْمَ قَدْ رَوَى، فقال حدثنا سفيان، وأبهم، فهو الثوري، هم كَوَكِيْعٍ وَابْنِ مَهْدِيٍّ وَالفِرْيَابِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ. فَإِنَّ رَوَى وَاحِدٌ مِنْهُم عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بَيَّنَهُ، فَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَلْحَقِ الثَّوْرِيَّ، وَأَدْرَكَ ابْنَ عُيَيْنَةَ، فَلاَ يَحْتَاجُ أَنْ يَنْسِبَهُ، لِعَدَمِ الإِلْبَاسِ فعليك بمعرفة طبقات الناس.

وقال في "السير" "10/ 374":

عن ابْنِ مَاجَهْ قَالَ: عَرَضْتُ هَذِهِ "السُّنَنَ" عَلَى أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، فَنَظَر فِيْهِ، وَقَالَ: أَظُنُّ إِنْ وَقَعَ هَذَا فِي أَيْدِي النَّاسِ تَعَطَّلَتْ هَذِهِ الجَوَامِعُ، أَوْ أَكْثَرُهَا، ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّ لاَ يَكُونُ فِيْهِ تَمَامُ ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً، مِمَّا في إسناده ضعف، أو نحو ذا.

فعقب الذهبي بقوله: قُلْتُ: قَدْ كَانَ ابْنُ مَاجَهْ حَافِظاً نَاقِداً صادقا، واسع العلم، وغنما غَضَّ مِنْ رُتْبَةِ "سُنَنِهِ" مَا فِي الكِتَابِ مِنَ المَنَاكِيْرِ، وَقَلِيْلٌ مِنَ المَوْضُوْعَاتِ، وَقَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ -إِنْ صَحَّ- فَإِنَّمَا عَنَى بِثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً؛ الأحاديث المطروحة السَّاقِطَةِ، وَأَمَّا الأَحَادِيْث الَّتِي لاَ تَقُوْمُ بِهَا حجة فكثيرة، لعلها نحو الألف.

وقال في "السير" "10/ 179":

لَيْسَ فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" مِنَ العوَالِي إِلاَّ مَا قلَّ، كَالقَعْنَبِيّ عَنْ أَفلح بن حُمَيْد، ثُمَّ حَدِيْث حَمَّاد بن سَلَمَةَ، وَهَمَّام، وَمَالِك، وَاللَّيْث، وَلَيْسَ فِي الكِتَاب حَدِيْث عَال لشُعْبَة، ولا للثوري، ولا لإسرائيل، وهو كِتَاب نَفِيس كَامِل فِي مَعْنَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ الحافظ أُعجبُوا بِهِ، وَلَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015