الشَّيْخُ الإِمَامُ، الحَافِظُ المُكْثِرُ الجَوَّالُ، أَبُو الفتيَان عُمَرُ بن عَبْدِ الكَرِيْمِ بن سَعْدَوَيْه بن مَهْمَت الدِّهِسْتَانِي، الرَّوَّاسِي.
طوَّف فِي هَذَا الشَّأْنِ خُرَاسَانَ وَالحَرَمَيْنِ وَالعِرَاقَ وَمِصْرَ وَالشَّامَ وَالسوَاحلَ، وَكَانَ بَصِيْراً بِهَذَا الشَّأْن محققاً.
سَمِعَ بِبلده: المُحَدِّثَ أَبَا مَسْعُوْد البَجَلِيَّ الرَّازِيَّ وَصَحِبَه، وَبِنَيْسَابُوْرَ: أَبَا حَفْصٍ بنَ مَسْرُوْر، وَعبد الغَافِر الفَارِسِيّ، وَأَبَا عُثْمَانَ الصَّابونِي، وَبِحَرَّانَ: مُبَادر بن عَلِيٍّ، وَبِبَغْدَادَ: القَاضِي أَبَا يَعْلَى بنَ الفَرَّاءِ، وَأَبَا جَعْفَرٍ بن المسلمة، وأمثالهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ -شَيْخُه- وَأَبُو حَامِدٍ الغَزَّالِي، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ، وَمُحَمَّد بن عبد الوَاحِد الدَّقَّاق، وَالفَقِيْه نَصْرُ بن إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيّ -شَيْخُه- وَهِبَةُ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ الأَكْفَانِي، وَالحَافِظ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَمُحَمَّد بن الحَسَنِ الجُوينِي، وَعِدَّة، وَالسِّلَفِيّ بِالإِجَازَةِ، وَقَدِمَ طُوْس فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَصَحَّحَ عَلَيْهِ الغَزَّالِي "الصَّحِيْحَيْنِ"، ثُمَّ سَارَ إِلَى مَرْوَ بِاسْتِدْعَاءِ مُحَدِّثهَا أَبِي بَكْرٍ السَّمْعَانِيِّ ليحمِلُوا عَنْهُ، فَأَدْرَكَته المَنِيَّةُ بِسَرْخَس.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الحَافِظ: مَا رَأَيْتُ فِي تِلْكَ الدِّيَار أَحْفَظَ مِنْهُ، لاَ بَلْ فِي الدُّنْيَا كُلِّهَا، كَانَ كِتَّاباً جَوَّالاً دَارَ الدُّنْيَا لِطلب الحَدِيْث، لَقِيْتُهُ بِمَكَّةَ، وَرَأَيْتُ الشُّيُوْخ يُثْنُوْنَ عَلَيْهِ، وَيُحْسِنُوْنَ القَوْل فِيْهِ، ثُمَّ لَقِيْتُهُ بجُرْجَان، وَصَارَ مِنْ إِخْوَاننَا.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيُّ: هُوَ خِرِّيج أَبِي مَسْعُوْدٍ البَجَلِيّ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: دَخَلَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ دِهِسْتَان، فَاشْتَرَى مِنْ أَبِي رَأْساً وَدَخَلَ يَأْكُلُه، فَبعثَنِي أَبِي إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: تَعْرِفُ شَيْئاً? قُلْتُ: لاَ، فَقَالَ لأَبِي: سلِّمه إِلَيَّ، فَسلمنِي إِلَيْهِ، فَحملنِي إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَأَفَادنِي، وَانْتَهَى أَمرِي إِلَى حَيْثُ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِد يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ أَبَا الفتيَانِ سَمِعَ مِنْ ثَلاَثَة آلاَف وَسِتّ مائَةٍ شَيْخ.
قَالَ خُزَيْمَة بن عَلِيٍّ المَرْوَزِيّ: سَقَطَتْ أَصَابِعُ عُمَرَ الرَّوَّاسِي فِي الرِّحلَة مِنَ البَرْدِ.