وَرَافَعُوا نِظَام المُلك وَزِيْر مَلِكْشَاه.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: فَمَدَّ سِمَاطاً، وَأَقَامَ عَلَيْهِ ممَاليكَه وَهم أُلوفٌ مِنَ التّرْك بخيلهِم وَسلاَحهِم وَحضر السُّلْطَان ثُمَّ قَالَ: إِنِّيْ خَدَمْتُكَ وَخدمتُ أَبَاك وَجدَّك وَقَدْ بَلغَك أَخذِي لِلأَمْوَال وَصَدَقُوا إِنَّمَا أَصْرِفُهَا عَلَى مِثْل هَؤُلاَءِ الغِلمَان وَهم لَكَ وَفِي البِرِّ وَالصِّلاَت، وَمُعْظَمُ أَجرِهَا لَكَ، وَكُلُّ مَا أَملِكُه فَبينَ يَديك وَأَنَا أَقنعُ بِمُرَقَّعَة. فَصفَا لَهُ السُّلْطَانُ وَأَحَبَّه وَسَمَلَ سَيِّد الرُّؤَسَاء أَبَا المَحَاسِن، الَّذِي نَاوَأَه.
وَفِي هَذَا الْقرب تَملَّك سُلَيْمَانُ بنُ قُتُلْمِش السَّلْجُوْقِيّ قونِيَة وَآقصرَا. ثُمَّ سَارَ فَأَخَذَ أَنطَاكيَةَ مِنَ الرُّوْم وَكَانَ لَهَا فِي أَيديهِم مائَة وَعِشْرُوْنَ سَنَةً. وَبَعَثَ بِالبشَارَةِ إِلَى السُّلْطَانِ مَلِكْشَاه ثُمَّ تحَارب هُوَ وَمُسْلِمُ بنُ قُرَيْش فِي سَنَةِ "77" فَقُتِلَ مُسْلِمٌ. وَنَازل ابْن قُتُلْمِش حلبَ شَهْراً ثُمَّ ترَحَّل.
وَنَازل الأُذفِيش مدينَة طُلَيْطُلَة أَعْوَاماً ثُمَّ كَانَتِ المَلْحَمَة الكبرى بِالأَنْدَلُسِ وَانتصر المُسْلِمُوْنَ وَأَسَاء أَمِيْر المُسْلِمِيْنَ يُوْسُفُ بنُ تَاشفِيْن إِلَى ابْنِ عَبَّاد وَأَخَذَ بلاَده وَسَجَنَهُ.
وَأَقْبَلَ أَمِيْرُ الجُيُوْش فَنَازل دِمَشْقَ وَضيَّق عَلَى تُتْش ثُمَّ ترحَّل.
وَفِي سَنَةِ "79" التُّقَى تُتْش وَصَاحِبُ قُونِيَة سُلَيْمَانُ فَقُتل سُلَيْمَانُ وَاسْتَوْلَى تُتش عَلَى حلب. وَأَقْبَلَ أَخُوْهُ السُّلْطَانُ مِنْ أَصْبَهَان إِلَى حلب فَأَخَذَهَا وَهَرَبَ مِنْهُ أَخُوْهُ وَنَاب بِحَلَب قَسيمُ الدَّوْلَة؛ جَدُّ نُور الدِّين فَعمرت بِهِ وَافتَتَح السُّلْطَانُ الجَزِيْرَةَ وَقَدِمَ بَغْدَاد وَقَدِمَ بَعْدَهُ النّظامُ ثُمَّ تَصيَّد وَعَمِلَ منَارَةَ القُرُوْنَ وَجَلَسَ لَهُ المُقتدي وَخلعَ عَلَيْهِ خِلَعَ السَّلطنَة وَعَلَى أَمرَائِهِ وَنظَامُ الْملك يُقَدِّمُهم وَيُتَرْجِمُ عَنْهُم ثُمَّ كَانَ عُرس المُقتدي عَلَى بِنْتِ السُّلْطَانِ وَلَمْ يُسْمَعْ: بِمِثْلِ جَهَازِهَا وَعُرسهَا؛ دَخَلَ فِي الدعوَة أَرْبَعُوْنَ أَلف مَناً مِنَ السكر.
وَمَاتَ صَاحِبُ غَزنَة وَالهِنْد المُؤَيَّدُ إِبْرَاهِيْم بنُ مسعود بن السُّلْطَانِ مَحْمُوْد، وَتَملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ جَلاَلُ الدِّين، زَوجُ بِنْت مَلِكْشَاه الَّتِي غَرِمَ نَظَامُ الْملك عَلَى عُرسهَا أَلفِي أَلفِ دِرْهَم. وَسَارَ مَلِكْشَاه لِيملك سَمَرْقَنْد وَافتَتَح مَا وَرَاء النَّهْر وَتَضوَّرت بِنْتُ مَلِكْشَاه مِنِ اطِّرَاح الخَلِيْفَة لَهَا فَأَذن لها في الذّهَاب إِلَى أَصْبَهَانَ مَعَ ابْنِهَا جَعْفَر، وَأَقْبَلَ جَيْشُ مِصْر فَأَخذُوا صُوْرَ وَعكَا وَجُبَيْل.
وَفِتَنُ السّنَة وَالشِّيْعَة مُتتَاليَةٌ بِبَغْدَادَ لاَ يُعبَّر عَنْهَا.
وَفِي سَنَةِ "483": اسْتولَى ابْنُ الصَّبَّاحِ؛ رَأْس الإِسْمَاعِيليَّة عَلَى قَلْعَة أَصْبَهَان، فَهَذَا أَوّلُ