نُعَيْمٍ الحَافِظ يَقُوْلُ فِيْهِ: وَقَدْ رَحَلَ إِلَى مَا عِنْدَك أَخونَا أَبُو بَكْرٍ أَيَّده الله وَسلَّمه لِيقتبِسَ مِنْ علُوْمك وَهُوَ بِحَمْد الله مِمَّنْ لَهُ فِي هَذَا الشَّأْن سَابِقَةٌ حَسَنَة وَقَدَمٌ ثَابِت وَقَدْ رَحل فِيْهِ وَفِي طلبه وَحصل لَهُ مِنْهُ مَا لَمْ يَحصل لَكَثِيْرٍ مِنْ أَمثَاله وَسيظهر لَكَ مِنْهُ عِنْد الاجتمَاع من ذلك مع التَّورُّع وَالتَّحفُّظ مَا يَحْسُنُ لديك موقعُه.

قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ الكَتَّانِي سَمِعَ: مِنَ الخَطِيْب شَيْخُه أَبُو القَاسِمِ عُبَيْد اللهِ الأَزْهَرِيّ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة. وَكَتَبَ عَنْهُ شَيْخُهُ البَرْقَانِيّ وَرَوَى عَنْهُ. وَعلَّقَ الفِقْهَ عَنْ، أَبِي الطَّيِّب الطَّبَرِيّ وَأَبِي نَصْرٍ بن الصّبَّاغ وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى مَذْهَب أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيّ رَحِمَهُ اللهُ.

قُلْتُ: صَدَقَ. فَقَدْ صرَّح الخَطِيْبُ فِي أَخْبَار الصِّفَات أَنَّهَا تُمَرُّ كَمَا جَاءت بِلاَ تَأْويل.

قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي "الذّيل": كَانَ الخَطِيْب مَهِيْباً وَقُوْراً ثِقَة مُتحرِياً حُجّة حَسَنَ الخطّ، كَثِيْرَ الضَّبْطِ فَصِيْحاً خُتِمَ بِهِ الحُفَّاظ، رَحَلَ إِلَى الشَّامِ حَاجّاً، وَلقِي بِصُوْر أَبَا عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي، وَقرَأَ الصَّحِيْح فِي خَمْسَة أَيَّام عَلَى كَرِيْمَة المروزِيَّة وَرجع إِلَى بَغْدَادَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا بَعْد فِتْنَة البسَاسيرِي لِتشويش الوَقْت إِلَى الشَّامِ سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ فَأَقَامَ بِهَا وَكَانَ يَزورُ بَيْتَ المَقْدِس وَيَعُوْدُ إِلَى صُوْر إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ فَتوجّه إِلَى طرَابُلُس ثُمَّ مِنْهَا إِلَى حلب ثُمَّ إِلَى الرَّحبَة ثُمَّ إِلَى بَغْدَادَ فَدَخَلهَا فِي ذِي الحِجَّةِ. وَحَدَّثَ بِحَلَب وغيرها.

السمع: اني: سَمِعْتُ الخَطِيْب مَسْعُوْدَ بنَ مُحَمَّد بِمَرْو سَمِعْتُ الفضل ابن عُمَرَ النَّسَوِي يَقُوْلُ: كُنْتُ بِجَامِع صُوْر عِنْد أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب فَدَخَلَ عَلوِي وَفِي كُمِّه دَنَانِيْر فَقَالَ: هَذَا الذَّهبُ تَصرِفُهُ فِي مُهِمَّاتِكَ. فقطب في وَجهه وَقَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ فَقَالَ: كَأَنَّكَ تَسْتَقِلُّهُ وَأَرْسَله مِنْ كُمِّهِ عَلَى سَجَّادَةَ الخَطِيْب. وَقَالَ: هَذِهِ ثَلاَثُ مائَة دِيْنَارٍ. فَقَامَ الخَطِيْبُ خَجِلاً مُحْمَراً وَجهُهُ وَأَخَذَ سجَادَتَه وَرَمَى الدَّنَانِيْر وَرَاح. فَمَا أَنَى عِزَّهُ وَذُلَّ العَلَوِيّ وَهُوَ يَلْتَقِطُ الدَّنَانِيْر مِنْ شُقُوق الحصِيْر.

ابْنُ نَاصِرٍ: حَدَّثَنَا، أَبُو زَكَرِيَّا التبرِيزِيُّ اللُّغَوِيّ قَالَ: دَخَلْتُ دِمَشْق فَكُنْتُ أَقرَأُ عَلَى الخَطِيْب بحلْقَته بِالجَامِع كُتُبَ الأَدب المسموعَة وَكُنْت أَسكنُ منَارَة الجَامِع فَصَعِدَ إِلَيَّ وَقَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ أَزورَكَ فِي بَيْتك. فَتحدّثنَا سَاعَةً. ثُمَّ أَخرج وَرقَة وَقَالَ: الهديَةُ مُسْتحبَة تَشترِي بِهَذَا أَقلاَماً. وَنهضَ فَإِذَا خَمْسَةُ دَنَانِيْر مصرِيَّة ثُمَّ صَعِدَ مَرَّةً أُخْرَى وَوَضَعَ نَحْواً مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ إِذَا قرَأَ الحَدِيْثَ فِي جَامِع دِمَشْق يُسْمَعُ: صَوْتُهُ فِي آخِر الجَامِع وَكَانَ يَقرَأ مُعْرَباً صَحِيْحاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015