أَخَذَهُ الله عَلَى العُلَمَاءِ: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَه} فَلَمْ يَكُ يُلَطِّفُ صَدْعَهُ بِمَا عِنْدَهُ بِتعرِيض وَلاَ بتدرِيج بَلْ يَصكُّ بِهِ مَنْ عَارضَهُ صكَّ الجَنْدَل وَيُنْشِقه إِنشَاق الخَرْدَل فَتنفِرُ عَنْهُ القُلُوْبُ وَتُوقع بِهِ النّدوب حَتَّى اسْتُهْدِفَ لفُقَهَاء وَقته فَتمَالؤُوا عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى تضليلِهِ وَشَنَّعُوا عَلَيْهِ وَحَذَّرُوا سلاَطينهم مِنْ فِتنتهِ وَنهوا عوامهم عن، الدنو منه فطفق الملوك يُقصونه عَنْ، قُربهم وَيُسَيِّرُوْنَهُ عَنْ، بلادِهِم إِلَى أَنِ انْتَهوا بِهِ مُنْقَطع أَثرِه: بَلْدَة مِنْ بَادِيَة لَبْلَة وَهُوَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُرتدِع وَلاَ رَاجع يَبُثُّ علمه فِيْمَنْ يَنْتَابه مِنْ بَادِيَة بلدِهِ مِنْ عَامَّة المُقتبسينَ مِنْ أَصَاغِرِ الطَّلبَة الَّذِيْنَ لاَ يَخشُوْنَ فِيْهِ المَلاَمَة يُحَدِّثهُم وَيُفَقِّههُم وَيُدَارسهُم حَتَّى كَمَلَ مِنْ مُصَنّفَاته وَقْرُ بعير لَمْ يَعْدُ أَكْثَرُهَا بَادِيَتَه لزُهْد الفُقَهَاء فِيْهَا حَتَّى لأُحْرِقَ بَعْضُهَا بِإِشبيلية وَمُزِّقَتْ عَلاَنِيَةً وَأَكْثَرُ معَايبه زَعَمُوا عِنْد المنصَف جَهلُه بسيَاسَة العلم التي هي أعوض وَتَخلُّفه عَنْ، ذَلِكَ عَلَى قوَةِ سَبْحه فِي غِمَاره وَعَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ بِالسَّلِيم مِنِ اضطرَاب رَأيه وَمغِيبِ شَاهد علمه عَنْهُ عِنْد لقَائِهِ إِلَى أَنْ يُحَرَّكَ بِالسُّؤَال فِيتفجَّر مِنْهُ بحرُ عِلْمٍ لاَ تُكَدِّرُهُ الدّلاَء وَكَانَ مِمَّا يَزِيْدُ فِي شَنَآنه تَشيُّعه لأُمَرَاء بَنِي أُمَيَّةَ مَاضِيهم وَبَاقيهِم وَاعْتِقَادُهُ لِصِحَّةِ إِمَامتهِم حَتَّى لنُسب إِلَى النَّصْبِ.
قُلْتُ: وَمِنْ تَوَالِيفه: كِتَاب تَبديل اليَهُوْد وَالنَّصَارَى لِلتَّورَاة وَالإِنجيل وَقَدْ أَخَذَ الْمنطق أَبعدَهُ الله مِنْ عِلمٍ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المَذْحِجِيّ وَأَمعَنَ فِيْهِ فَزلزله فِي أَشيَاء ولي أنا ميل إلى أبي محمد لمَحَبَّته فِي الحَدِيْثِ الصَّحِيْح وَمَعْرِفَتِهِ بِهِ وَإِنْ كُنْتُ لاَ أُوَافِقُهُ فِي كَثِيْرٍ مِمَّا يَقولُهُ فِي الرِّجَالِ وَالعلل وَالمَسَائِل البَشِعَةِ فِي الأُصُوْلِ وَالفروع وَأَقطعُ بخطئِهِ فِي غَيْرِ مَا مَسْأَلَةٍ وَلَكِن لاَ أُكَفِّره وَلاَ أُضَلِّلُهُ وَأَرْجُو لَهُ العفوَ وَالمُسَامحَة وَللمُسْلِمِيْنَ. وَأَخضعُ لِفَرْطِ ذكَائِهِ وَسَعَة علُوْمِهِ وَرَأَيْتهُ قَدْ ذَكَرَ قَوْل مَنْ يَقُوْلُ: أَجَلُّ المُصَنَّفَاتِ المُوَطَّأ. فَقَالَ: بَلْ أَوْلَى الكُتُب بالتعظيم صحيحا البخاري ومسلم وصحيح ابن السكن ومنتقى ابن الجارود والمنتقى لقَاسِم بن أَصْبَغ ثُمَّ بَعْدَهَا كِتَاب أَبِي داود وكتاب النسائي والمصنف لقَاسِم بن أَصْبَغ "مصَنّف أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ".
قُلْتُ: مَا ذكر "سُنَن ابْنِ مَاجَه" وَلاَ "جَامِع أَبِي عِيْسَى"؛ فَإِنَّهُ مَا رَآهُمَا، وَلاَ أُدخِلا إِلَى الأَنْدَلُسِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَ"مُسْنَد البَزَّار" وَ"مُسْنَد ابْنَي أَبِي شَيْبَةَ" وَ"مُسْنَد أَحْمَد بن حَنْبَلٍ" ومسند إسحاق ومسند الطَّيَالِسِيّ وَ"مُسْنَدُ" الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ وَ"مُسْنَدُ ابْن سَنْجَر" وَ"مُسْنَد عَبْد اللهِ ابن مُحَمَّدٍ المُسْنَدِي" وَ"مُسْنَد يَعْقُوْب بن شَيْبَةَ" وَ"مُسْنَد عَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ" وَ"مُسْنَد ابْن أَبِي غَرَزَةَ" وَمَا جرَى مجرَى هَذِهِ الكُتُب الَّتِي أُفْرِدَتْ لِكَلاَمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صِرْفاً، ثُمَّ