وَسَمِعْتُ أَبَا المَكَارِم بِأَبهر وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الزَّمَان يَقُوْلُ: لمَّا تُوُفِّيَ أَبُو العَلاَءِ اجْتَمَع عَلَى قَبْرِهِ ثَمَانُوْنَ شَاعِراً وَخُتِمَ فِي أُسْبُوْعٍ واحد مائةا ختمَة. إِلَى أَنْ قَالَ السِّلَفِيّ: وَفِي الجُمْلَةِ فَكَانَ مِنْ أَهْلِ الفَضْل الوَافر وَالأَدبِ البَاهرِ وَالمَعْرِفَةِ بِالنَّسبِ وَأَيَّامِ العَرَبِ قَرَأَ القُرْآنَ بِروَايَات وَسَمِعَ: الحَدِيْثَ عَلَى ثِقَات وَلَهُ فِي التَّوحيد وَإِثْبَات النّبوَات وَمَا يَحُضُّ عَلَى الزُّهْدِ وَإِحيَاء طرق الفتوَّة وَالمُروءة شعرٌ كَثِيْرٌ وَالمُشكل مِنْهُ فَلَهُ عَلَى زَعْمِهِ تَفْسِيْر.
قَالَ غَرْسُ النِّعمَة: حَدَّثَنَا، الوَزِيْرُ أَبُو نَصْرٍ بنُ جَهِير حَدَّثَنَا، المنَازِي الشَّاعِر قَالَ: اجْتَمَعتُ بِأَبِي العَلاَءِ فَقُلْتُ: ما هذا الذي يروى عنك؟ قال: حسدونِي وَكَذَبُوا عليّ. فَقُلْتُ: عَلَى مَاذَا حَسَدُوك وَقَدْ تركتَ لَهُم الدُّنْيَا وَالآخِرَة؟ فَقَالَ: وَالآخِرَة ?! قُلْتُ: إِي وَاللهِ.
ثُمَّ قَالَ غَرس النِّعمَة: وَأَذْكُرُ عِنْد وَرود الخَبَر بِمَوْته وَقَدْ تذَاكرنَا إِلحَادَهُ وَمَعَنَا غُلاَمٌ يُعْرَفُ بِأَبِي غَالِب بن نَبْهَانَ مِنْ أَهْلِ الخَيْر وَالفِقْه فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ حَكَى لَنَا قَالَ: رَأَيْتُ البَارِحَةَ شَيْخاً ضرِيراً عَلَى عَاتقه أَفعيَان مُتدَلِّيَان إِلَى فَخِذَيْهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرْفَعُ فَمَهُ إِلَى وَجهِهِ فِيقطع مِنْهُ لحماً وَيَزْدَرِدُهُ وَهُوَ يَسْتَغِيثُ فَهَالنِي وَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيْلَ لِي: هَذَا أَبُو العَلاَءِ المعرِّي المُلْحِدِ.
وَلأَبِي العَلاَءِ.
لاَ تَجْلِسَنْ حرّةٌ موفّقةٌ ... مَعَ ابْنِ زوجٍ لَهَا وَلاَ خَتَنِ
فَذَاكَ خيرٌ لَهَا وَأَسْلَمُ لِلـ ... إِنْسَانِ إِنَّ الفَتَى مِنَ الفِتَنِ
أَنشدنَا أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظُ بِبَعْلَبَك أَنشدنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيّ أَنشدنَا السِّلَفِيّ أَنشدنَا أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَارِثِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ لِنَفْسِهِ:
رَغِبْتُ إِلَى الدُّنْيَا زَمَاناً فَلَمْ تَجُدْ ... بِغَيْرِ عناءٍ وَالحَيَاةُ بلاغُ
وَأَلقَى ابْنَه اليَأْسُ الكريم وبنته ... لديّ فعندي راحةٌ وفراغ
وَزَادَ فَسَادَ النَّاسِ فِي كُلِّ بلدةٍ ... أَحَادِيْثُ مينٍ1 تُفْتَرَى وَتُصَاغُ
وَمِنْ شَرِّ مَا أَسْرَجْتَ فِي الصُّبْح وَالدُّجَى ... كميتٌ لَهَا2 بِالشَّاربينَ مَرَاغُ