وَقِيْلَ: كَانَ شَدِيدَ اليَدِ, وَلاَ يكَادُ أَحدٌ يمدُّ قوسَهُ فيُعْطِي الفَارِسَ قوسَهُ, فَإِنْ عجَزَ ضحك واستخدمه, وإن مدَّه قطب. وَكَانَ مُلاَزِماً لمصَالِحِ الرَّعيَّةِ.

وَكَانَ يتعبَّد ويتهجَّد ويمرِّغ وَجْهَهُ، وَيَقُوْلُ: اللَّهُمَّ لاَ تسلِّط عليَّ مَخْلُوْقاً.

وَكَانَ يُقرأُ عِنْدَهُ السَّيرُ وَالدُّولُ.

وَلَهُ نُدمَاءُ وَجَوَارٍ مغنِّيَاتٍ, وَمِنَ المَمَالِيْكِ أُلوفٌ مؤلَّفة، وَكَانَ فَطِناً يَقِظاً ذَكِيّاً, يُهَادِي المعزَّ إِلَى الغَرْبِ، وَيُدَارِي وَيخضعُ للمُطِيعِ, وَيخدعُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ.

وَلَهُ نَظرٌ فِي الفِقْهِ وَالنَّحْوِ.

تُوُفِّيَ فِي جمَادَى الآخرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَمَاتَ فِي عشرِ السَّبْعِيْنَ.

وَقِيْلَ: مُشترَاهُ عَلَى الإِخْشِيْذِ ثمَانيَةَ عشرَ دِيْنَاراً.

وَقَدْ سُقتُ مِنْ أَخبارِهِ فِي التَّارِيْخِ نُكتاً.

وَللمتنبِّي يهجُوهُ وَيَهْجُو ابنَ حِنْزَابَةَ الوَزِيْرَ:

وَمَاذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ ... وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا

بِهَا نبطيٌّ مِنَ اهْلِ السَّوَادِ ... يدرِّس أَنسَابَ أَهْلِ الفَلاَ

وَأَسْوَدُ مِشْفَرُهُ نصفُهُ ... يُقَالُ لَهُ أَنْتَ بَدْرُ الدُّجَا

وشِعِر مَدَحْتُ بِهِ الكرْكَدَنَّ ... بَيْنَ القَرِيْضِ وَبَيْنَ الرُّقَا

فَمَا كَانَ ذَلِكَ مَدْحاً لَهُ ... وَلَكِنَّهُ كَانَ هَجْوَ الوَرَى

وَقَدْ كَانَ فِي كَافورٍ حلمٌ زائد، وكفّ عن الدماء, وجودة تدبير.

وَفِي آخِرِ أَيَّامِهِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ كَانَ القَحْطُ, فَنَقَصَ النِّيلُ, فَوَقَفَ عَلَى أَقلَّ مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ذرَاعاً بِأَصَابعٍ، وَذَلِكَ نقصٌ مفرِط، وَبِيعَ الخبزُ كلُّ رِطْلَيْنِ بِدِرْهَمٍ.

وَقِيْلَ: كَانَ فِي كَافُوْرٍ ظلمٌ وَمصَادرَةٌ, فصَبَرَ زَمَنَ القَحْطِ, كفَّن خَلاَئِقَ مِنَ الموتَى, كَانَ يُصْبِحُ فِي السِّقَايَةِ نَحْوَ خَمْسِ مائَةِ مَيتٍ.

وَلِكَافورٍ أَخبارٌ فِي الدُّوَلِ المُنْقَطِعَةِ، وَغيرِ مَوْضِعٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015