العلَّامة المَارِقُ, قَاضِي الدَّوْلَةِ العُبَيْدِيَّةِ, أَبُو حَنِيْفَةَ النُّعْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيُّ.
كَانَ مَالِكيّاً فارتدَّ إِلَى مَذْهَبِ البَاطِنيَّةِ، وصنَّف لَهُ "أُسُّ الدَّعوَةِ" وَنبذَ الدِّين وَرَاءَ ظهرِهِ, وألَّف فِي المنَاقبِ وَالمثَالبِ, ورَدَّ عَلَى أَئِمَّةِ الدِّينِ، وَانسلَخَ مِنَ الإِسلاَمِ, فَسُحْقاً لَهُ وَبُعْداً.
ونَافقَ الدَّوْلَةَ, لاَ بَلْ وَافَقَهُم.
وَكَانَ مُلاَزِماً للمعزِّ أَبِي تَمِيمٍ مُنشِئ القَاهرَةِ.
وَله يَدٌ طُولَى فِي فُنُوْنِ العُلومِ وَالفِقْهِ وَالاختلاَفِ, وَنَفَسٌ طَوِيْلٌ فِي البحثِ, فَكَانَ علمُهُ وَبَالاً عَلَيْهِ.
وصنَّف فِي الردَِّ عَلَى أَبِي حَنِيْفَةَ فِي الفِقْهِ، وعلى مالك وَالشَّافِعِيِّ, وَانتصرَ لِفِقْهِ أَهْلِ البَيْتِ، وَلَهُ كِتَابٌ فِي اختلاَفِ العُلَمَاءِ, وكُتُبه كبارٌ مطوَّلة.
وَكَانَ وَافِرَ الحِشْمَةِ, عَظيمَ الحُرمَةِ, فِي أَولاَدِهِ قضَاةٌ وَكُبَرَاءٌ.
وَانتقلَ إِلَى غَيْرِ رِضوَانِ اللهِ بِالقَاهرَةِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, ثُمَّ وَلِيَ ابنُهُ عليٌّ قَضَاءَ الممَالِكِ.
ومَاتَ مُحَمَّدٌ وَالدُ أَبِي حَنِيْفَةَ سنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِالقَيْرَوَانِ, عَنْ مائَةٍ وَأَرْبَعِ سِنِيْنَ, ويعد من الأذكياء.