قُلْتُ: هَؤُلاَءِ كَانُوا شُيُوْخَ أَصْبَهَانَ مَعَ الطَّبَرَانِيِّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ بُنْدَارَ يَقُوْلُ: دَخَلتُ العَسْكَرَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ, فحضرتُ مَجْلِسَ عَبْدَانَ، وَخَرَجَ ليُمْلِي, فَجَعَلَ المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ لَهُ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُملِي فَيَقُوْلُ: حَتَّى يحضرَ الطَّبَرَانِيُّ, قَالَ: فَأَقبلَ أَبُو القَاسِمِ بَعْدَ سَاعَةٍ متَّزِراً بِإِزَارٍ, مُرتدياً بآخرَ، وَمَعَهُ أَجْزَاءٌ, وَقَدْ تبعَهُ نَحْو مِنْ عِشْرِيْنَ نَفْساً مِنَ الغرباءِ مِنْ بلدَانٍ شتَّى, حَتَّى يُفيدهُم الحَدِيْث.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه فِي تَارِيْخِهِ: لَمَّا قَدِمَ الطَّبَرَانِيُّ قَدْمَته الثَّانيةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ إِلَى أَصْبَهَانَ, قَبَّله أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رُسْتُمَ العالم، وضمَّه إِلَيْهِ, وَأَنزلَهُ المدينَةَ وَأَحسنَ معونَتَهُ, وَجَعَلَ لَهُ معلوماً مِنْ دَارِ الخَرَاجِ, فَكَانَ يَقْبِضُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ, وَقَدْ كنَّى وَلدَهُ مُحَمَّداً أَبا ذرٍّ, وَهِيَ كنيَةُ وَالدِهِ أَحْمَدَ.
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ: سَمِعْتُ مشَايخنَا مِمَّنْ يُعْتَمَد عَلَيْهِم يَقُوْلُوْنَ: أَملَى أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيْثَ عِكرمةَ فِي الرُّؤْيَةِ, فَأَنكرَ عَلَيْهِ ابن طباطبا العلوي, ورماه بدَواة كَانَتْ بَيْنَ يَديهِ, فلمَّا رَأَى الطَّبَرَانِيُّ ذَلِكَ وَاجَهَهُ بكلامٍ اختصرْتُهُ, وَقَالَ فِي أَثنَاءِ كلاَمِهِ: مَا تسكتُوْنَ وَتشتغلُوْنَ بِمَا أَنْتُم فِيْهِ حَتَّى لاَ يُذْكَرَ مَا جَرَى يَوْمَ الحَرَّةِ, فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ طَباطبا قَامَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ, وَنَدِمَ, ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: وَبلغنِي أنَّ الطَّبَرَانِيَّ كَانَ حَسَنَ المشَاهدَةِ, طيِّبَ المُحَاضَرَةِ, قرأَ عَلَيْهِ يَوْماً أَبُو طَاهِرٍ بنُ لُوقَا حَدِيْثَ: كَانَ يغسلُ حَصَى جِمَارِهِ فصحَّفه وَقَالَ: خُصِي حمَارِهِ, فَقَالَ: مَا أَرَادَ بِذَلِكَ يَا أَبا طَاهرٍ؟ قَالَ: التَّواضعَ, وَكَانَ هَذَا كَالمُغَفَّلِ, قَالَ له الطبراني يومًا: أنت ولدي, قال: وَإِيَّاكَ يَا أَبا القَاسِمِ, يَعْنِي: وَأَنْتَ.
قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: وَوجدتُ عَنْ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الفَقِيْهِ, أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ السُّلَمِيُّ, قَالَ: سَمِعْتُ الطَّبَرَانِيَّ يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ رُسْتُمَ بنِ فَارِسَ دَخَلتُ عَلَيْهِ, فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الكُتَّابِ فصبَّ عَلَى رجلِهِ خَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ, فلمَّا خَرَجَ الكَاتِبُ أَعطَانِيْهَا, فلمَّا دَخَلتْ بنتُهُ أُمُّ عدنَانَ صبَّتْ عَلَى رجلِهِ خَمْسَ مائَةٍ, فَقُمْتُ فَقَالَ: إِلَى أَينَ؟ قُلْتُ: قُمْتُ لئلَّا يقولَ: جلَسْتُ لِهَذَا, فَقَالَ: ارفَعْ هَذِهِ أَيْضاً, فلمَّا كَانَ آخرُ أَمرِهِ تكلَّم فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رضيَ اللهُ عَنْهُمَا- بِبَعضِ الشَّيْءِ, فَخَرَجتُ وَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ بَعْدُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ حمْدَانَ, وَأَبا الحَسَنِ المَدِيْنِيَّ, وَغيرَهُمَا يَقُوْلُوْنَ: سمِعنَا الطَّبَرَانِيَّ يَقُوْلُ: هَذَا الكِتَابُ رُوحي -يَعْنِي: المُعْجَمَ الأَوسطَ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارِسَ اللُّغَوِيُّ: سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ ابنَ العَمِيْدِ يَقُوْلُ: مَا كُنْتُ أَظنُّ