اصعَدْ عَلَى هَذَا الحَائِطِ، وَانزل عَلَى مُخّكَ، فَهَلَكَ. فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: إِنْ كَانَ مَعَهُ مِثْلُ هَؤُلاَءِ، وَإِلاَّ فَمَا مَعَهُ أَحَد.
وَنقل القيْلوِيُّ فِي الْحجر الأَسود لَمَّا قِيْلَ: مَنْ يَعْرِفه؟ فَقَالَ ابْنُ عُليم المُحَدِّث: إِنَّهُ يَشُوف عَلَى المَاء، وَإِنَّ النَّار لاَ تُسخِّنه، فَفُعِل بِهِ ذَلِكَ، فَقبَّله ابْنُ عُليم. وَتعجَّب الجَنَّابِيُّ، وَلَمْ يصح هذا.
وقيل: صعد القرمطي لقلع الميزاب، فسقط، فمات. وكان ذلك سنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَكَانَ أَمِيْر العِرَاقين مَنْصُوْر الدَّيْلَمِيّ، وَجَافَتْ مَكَّة بِالقَتْلَى.
قَالَ المرَاغِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ محْرم، وَكَانَ رَسُوْلَ المُقْتَدِر إِلَى القِرْمِطيِّ. قَالَ: سأَلْتُهُ بَعْد مُنَاظَرَاتٍ، عَنِ اسْتحلاَله بِمَا فَعَل بِمَكَّةَ، فَأَحْضَرَ الْحجر فِي الدِّيباج، فَلَمَّا أُبرز كبَّرْتُ، وَأَرَيْتُهم مِنْ تعَظِيْمه وَالتَّبرّك بِهِ عَلَى حَالَةٍ كَبِيْرَةٍ، وَافتُتِنَتِ القَرَامِطَةُ بِأَبِي طَاهِرٍ، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ أَطْلَعَه وَحْدَه عَلَى كُنُوزٍ دَفَنَهَا. فَلَمَّا تَمَلَّك، كَانَ يَقُوْلُ: هُنَا كَنْزٌ فيحفِرُوْنَ، فَإِذَا هُمْ بِالمَالِ. فَيَفْتَتِنُوْنَ بِهِ وَقَالَ مَرَّةً: أُرِيْدُ أَنْ أَحفر هُنَا عَيْناً. قَالُوا: لاَ تَنْبَعُ، فَخَالفهُم، فَنَبَعَ المَاءُ، فَازْدَادَ ضَلاَلُهُم بِهِ، وَقَالُوا: هُوَ إِله. وَقَالَ قَوْم: هُوَ المَسِيْحُ. وَقِيْلَ: نَبِيّ. وَقَدْ هَزَمَ جُيُوش بَغْدَاد غَيْرَ مَرَّةٍ وَعتَا وَتمرَّد.
قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ رزَام الكُوْفِيّ: حَكَى لِي ابْنُ حَمْدَانَ الطَّبِيْبُ، قَالَ: أَقَمْتُ بِالقَطِيف أُعَالجُ مَرِيْضاً، فَقَالَ لِي رَجُل: إِنَّ اللهَ ظَهَرَ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا النَّاس يُهرَعُوْنَ إِلَى دَارِ أَبِي طَاهِرٍ، فَإِذَا هُوَ ابْنُ عشْرِيْنَ سَنَةً، شَابٌّ مليحٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، وَثوبٌ أَصفرُ عَلَى فَرَسٍ أَشْهَبَ، وَإِخوتُه حَوْلَهُ، فَصَاح: مَنْ عَرَفنِي عَرَفَنِي، وَمِنْ لَمْ يَعْرفْنِي، فَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي سَعِيْد الحَسَنُ، الجَنَّابِيُّ. اعلمُوا أَنَّا كُنَّا وَإِيَّاكُم حَمِيراً، وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا بِهَذَا وَأَشَار إِلَى غُلاَمٍ أَمْرَدَ، فَقَالَ: هَذَا ربُّنَا وَإِلهُنَا، وَكُلُّنَا عِبَادُه. فَأَخَذَ النَّاسُ التُّرَابَ، فَوَضَعُوهُ عَلَى رُؤُوْسهُم. ثُمَّ قَالَ أَبُو طَاهِرٍ: إِنَّ الدِّين قَدْ ظَهَر وَهُوَ دين أَبينَا آدم، وَجَمِيْع مَا أَوصَلتْ إِلَيْكُم الدُّعَاةُ بَاطِلٌ منِ ذِكْرِ مُوْسَى وَعِيْسَى وَمُحَمَّد، هَؤُلاَءِ دَجَّالُوْنَ. وَهَذَا الغُلاَمُ هُوَ أَبُو الفَضْلِ المَجُوْسِيّ، شَرَعَ لَهُم اللّواطَ، وَوطء الأُخت، وَأَمَرَ بِقَتْلِ مَنِ امْتَنَعَ. فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عِدَّةُ رُؤُوْس، فسجدتُ لَهُ، وَأَبُو طَاهِرٍ وَالكُبَرَاءُ حَوْلَهُ قيَام. فَقَالَ لأَبِي طَاهِرٍ: المُلُوكُ لَمْ تزل تُعِدُّ الرُّؤُوس فِي خزَائِنهَا. فسلُوهُ كَيْفَ بقَاؤهَا؟ فَسُئِلْتُ، فَقُلْتُ: إِلهُنَا أَعْلَم، وَلَكِنِّي أَقُول: فجُمْلَة الإِنْسَانِ إِذَا مَاتَ يحتَاج كَذَا وَكَذَا صبِراً وَكَافُوْراً، وَالرَّأْس جُزْءٌ فيُعطَى بحسَابه. فَقَالَ: مَا أَحسنَ مَا قَالَ. ثُمَّ قَالَ الطَّبِيْبُ: مَا زِلْتُ أَسمَعُهُم تِلْكَ الأَيَّامَ يَلْعنُوْنَ إِبْرَاهِيْمَ وَمُوْسَى ومحمدًا وعليًا. ورأيت مصحفًا مسح بغائظ.