3005- القرمطي 1:

عَدُوُّ اللهِ مَلكُ البَحْرين، أَبُو طَاهِرٍ، سُلَيْمَانُ بنُ حَسَنٍ القِرْمِطِيُّ، الجَنَّابِيُّ، الأَعْرَابِيُّ، الزِّنديقُ، الَّذِي سَارَ إِلَى مَكَّةَ فِي سَبْع مائَة فَارس، فَاسْتَبَاح الْحَجِيج كلَّهُم فِي الحَرَمِ، وَاقْتَلَعَ الحجَرَ الأَسود، وَرَدَمَ زَمْزَمَ بِالقَتْلَى، وَصَعِد عَلَى عتبَةِ الكعبة، يصيح:

أنا بالله وب الله أنا ... يخلق الخلق وأفنيهم أنا

فَقتل فِي سِكَكِ مَكَّةَ وَمَا حولهَا زُهَاءَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَأَقَامَ بِالحرم سِتَّة أَيَّام.

بذَلَ السَّيْف فِي سَابِع ذِي الحِجَّةِ، وَلَمْ يعرِّفْ أَحَدٌ تِلْكَ السَّنَة، فَللَّه الأَمْر. وَقَتَلَ أَمِيْرَ مَكَّة ابْنَ مُحَارِب، وَعَرَّى البَيْتَ، وَأَخَذَ بَابه، وَرَجَعَ إِلَى بلاَد هَجَر.

وَقِيْلَ: دَخَلَ قِرْمِطِيُّ سكرَان عَلَى فَرَسٍ، فصَفَّر لَهُ، فَبَالَ عِنْد البَيْتِ، وَضَرَبَ الْحجر بدُبوس هشَّمه ثُمَّ اقتلَعَه، وَأَقَامُوا بِمَكَّةَ أَحَدَ عشرَ يَوْماً. وَبَقِيَ الْحجر الأَسودُ عِنْدَهُم نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.

وَيُقَالُ: هلك تَحْته إِلَى هجر أَربعُوْنَ جَمَلاً، فَلَمَّا أُعيد كَانَ عَلَى قَعُودٍ ضَعِيْف، فسَمِنَ.

وَكَانَ بُجْكُم التُّرْكِيُّ دَفَعَ لَهُم فِيْهِ خَمْسِيْنَ أَلف دِيْنَارٍ، فَأَبَوا، وَقَالُوا: أَخذنَاهُ بِأَمْرٍ، وَمَا نردُّه إلَّا بِأَمْرٍ.

وَقِيْلَ: إِنَّ الَّذِي اقْتَلَعَه صَاحَ: يَا حمِير، أَنْتُم قَلْتُم وَمَنْ دَخَله كان آمِناً فَأَيْنَ الأَمَنُ؟ قَالَ رَجُلٌ: فَاسْتَسْلَمت، وَقُلْتُ: إن الله أراد: ومن دخله فأمنوه، فلوى فَرَسَه وَمَا كلَّمنِي.

وَقَدْ وَهِمَ السِّمْنَانِيُّ، فَقَالَ فِي "تَارِيْخِهِ": إِنَّ الَّذِي نَزَعَ الْحجر أَبُو سَعِيْدٍ الجَنَّانِيُّ القِرْمِطِيُّ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنه أَبُو طَاهِرٍ.

وَاتَّفَقَ أَنَّ ابْن أَبِي السَّاج الأَمِيْر نَزَلَ بِأَبِي سَعِيْدٍ الجَنَّابِيِّ فَأَكْرَمَه، فَلَمَّا سَارَ لِحَرْبِهِ، بَعَثَ يَقُوْلُ: لَكَ عليَّ حَقٌ، وَأَنْتَ فِي خَمْس مائَة وَأَنَا فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً. فَانْصَرَفَ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: كَمْ مَعَ صَاحِبك؟ قَالَ: ثَلاَثُوْنَ أَلفَ رَاكبٍ. قَالَ: وَلاَ ثَلاَثَة، ثُمَّ دَعَا بعبدٍ أَسود، فَقَالَ لَهُ: خَرِّقْ بَطْنَك بِهَذِهِ السِّكين، فَبدَّد مصَارينَه. وَقَالَ لآخر: اغرقْ في النهر، ففعل. وقال لآخر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015