وقال أبو بكر بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الحَافِظُ: خَرَجْنَا مَعَ الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ لِتَهْنِئَةِ الأَمِيْرِ الشَّهِيْدِ، وَالتَّعزِيَةِ عَنِ الأَمِيْرِ أَبِي إبراهيم الماضي، فلما انصرفنا، قلت لأبي خُزَيْمَةَ: مَا رَأَينَا فِي سَفَرِنَا مِثْلَ أَبِي العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيِّ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا رَأَيْتُ أَنَا مِثْلَ أَبِي العَبَّاسِ.

قُلْتُ: مَا أَطلَقَ ابْنُ خُزَيْمَةَ هَذَا القَوْلَ إلَّا عَنْ أَمرٍ كَبِيْرٍ مِنْ سَعَةِ عِلْمِ أَبِي العَبَّاسِ، رَحِمَهُ اللهُ.

قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ عَمْرٍو البُسْتِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيَّ يَقُوْلُ لأَبِي حُسَيْنٍ الحَجَّاجِيَّ: أَيْشٍ حَالُ أَبِي عَلِيٍّ الحَافِظِ؟ وَمَا الَّذِي يُصَنِّفُهُ الآنَ؟ قَالَ: هُوَ ذَا يَرُدُّ عَلَى مُسْلِمِ بنِ الحَجَّاجِ. فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:

يُقَضَّى لِلْحُطَيئَةِ أَلْفُ بيتٍ ... كَذَاكَ الحَيُّ يَغلِبُ كُلَّ مَيتِ

كَذَلِكَ دِعْبِلٌ يَرْجُو سَفَاهاً ... وَحُمْقاً أَنْ يَنَالَ مَدَى الكُمَيْتِ

إِذَا مَا الحِيُّ نَاقَضَ حَشْوَ قبرٍ ... فَذَلِكُمُ ابْنُ زَانِيَةٍ بِزَيْتِ

قَالَ ابْنُ أَبِي ذُهْلٍ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيَّ يَقُوْلُ: أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ لاَ تُفَارِقُنِي فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ، وَإِذَا خَرَجتُ مِنَ البَلَدِ: كِتَابُ "المُزَنِيِّ"، وَكِتَابُ "العَيْنِ"، وَ"تَارِيْخُ البُخَارِيِّ"، وَكِتَابُ "كَلِيْلَةَ وَدِمْنَةَ".

الحَاكِمُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى الوُحَاظِيُّ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ هَاشِمٍ مَوْلاَةُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ، قَالَتْ: بَيْنَمَا أَنَا أُوَضِّئُ عَبْدَ اللهِ بنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ خَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ -تَعْنِي: مَاتَ فَجْأَةً.

قَالَ الحَاكِمُ: قَالَ الدَّغُوْلِيُّ: فِي العُلَمَاءِ جَمَاعَةٌ فُقِدُوا فَجْأَةً، فَلَمْ يُوْجَدُوا، مِنْهُم: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، فُقِدَ يَوْمَ الجَمَاجِمِ، وَمِنْهُم: مَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ وَلَمْ تُعْرَفْ لَهُ تُرْبَةٌ قَطُّ، وَبَدَلُ بنُ المُحَبِّرِ افْتُقِدَ وَلاَ يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ. ثُمَّ سَمَّى جَمَاعَةٌ مَاتُوا فَجْأَةً: كَالشَّعْبِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَالأَوْزَاعِيِّ.

قَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الدَّغُوْلِيِّ عَنْ وَفَاةِ جَدِّهِ، فَقَالَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

قَرَأْتُ عَلَى شَرَفِ الدِّيْنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحُسَيْنِ الدِّمَشْقِيِّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الهروي، أخبرنا أبو القاسم الشّحَامِيُّ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015