حَامِد: كذبتَ يَا ابْنَ مائَة أَلْف زَانيَة، أَوجِعُوا فَكَّهُ، فَأَسرع إِلَيْهِ الغلمَانُ، وَهُوَ يَصِيْح: أَلَيْسَ مِنْ هَذَا خِفْنَا؟ وَأُخرج فَأَقبل حَامِد الوَزِيْر يتحدَّثُ عَنْ: قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النِّيرنجَات أَنَّهُم كَانُوا يغدُوْنَ بِإِخرَاج التِّين وَمَا يجرِي مجرَاهُ مِنَ الْفَوَاكِه، فَإِذَا حصل فِي يَد الإِنْسَان وَأَرَادَ أَنْ يَأْكله صَارَ بَعْراً.

قُلْتُ: صدق حَامِد، هَذَا هُوَ شغل أَربَاب السِّحْرِ وَالسيمِيَاء، وَلَكِن قَدْ يقوَى فعلُهُم بِحَيْثُ يَأْكُلُ الرَّجُل البعرَ وَلاَ يشعُرُ بِطعْمِهِ.

قَالَ ابْنُ بَاكويه: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مُفْلِح، حَدَّثَنَا طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ، قَالَ: تعجَّبت مِنْ أَمر الحَلاَّج، فَلَمْ أَزل أَتتبَّعُ وَأَطلبُ الحِيَلَ، وَأَتعلم النَّارنجيات لأَقف عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَدَخَلتُ عَلَيْهِ يَوْماً مِنَ الأَيَّام، وَسلَّمتُ وَجلَسْتُ سَاعَة، فَقَالَ لِي: يَا طَاهِر! لاَ تتعنَّ، فَإِنَّ الَّذِي ترَاهُ وَتسمعه مِنْ فعل الأَشخَاص لاَ مِنْ فِعلِي، لاَ تَظُنَّ أن كرَامَةٌ أَوْ شَعْوَذَة، فعل الأَشخَاص: يَعْنِي بِهِ الجِنّ.

وَقَالَ التَّنُوْخِيّ: أَخْبَرَنَا أَبِي، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ الأَزْرَق: أَنَّ الحَلاَّج لَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ اسْتغوَى خلقاً مِنَ النَّاس وَالرُّؤسَاء، وَكَانَ طمعُهُ فِي الرَّافِضَة أَقوَى لدُخُوْله فِي طَرِيقهمْ، فراسل أبا سهل بن نوبخت يَسْتَغويه، وَكَانَ أَبُو سَهْلٍ فَطِناً، فَقَالَ لرَسُوْله: هَذِهِ المعجزَاتُ الَّتِي يُظهرهَا يُمكن فِيْهَا الحِيل، وَلَكِنِّي رَجُلٌ غزِل، وَلاَ لذَّةَ لِي أَكْبَر مِنَ النِّسَاء، وَأَنَا مبتلَى بِالصَّلَع، فَإِن جَعَلَ لِي شَعراً وَردَّ لحيتِي سَوْدَاء، آمنتُ بِمَا يَدْعُونِي إِلَيْهِ وَقُلْتُ: إِنَّهُ بَابُ الإِمَامُ، وَإِن شَاءَ قُلْتُ: إِنَّهُ الإِمَامُ، وَإِن شَاءَ قُلْتُ: إِنَّهُ النَّبِيّ، وَإِن شَاءَ قُلْتُ: إِنَّهُ الله، فَأَيِسَ الحَلاَّج مِنْهُ وَكفَّ.

قَالَ الأَزْرَق: وَكَانَ يدعُو كُلَّ قَوْمٍ إِلَى شَيْءٍ "مِنْ هَذِهِ الأَشيَاء" حسب مَا يَسْتَبله طَائِفَة، طَائِفَة، أَخْبَرَنِي جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه: أَنَّهُ لَمَّا افتُتِنَ بِهِ النَّاس بِالأَهْوَاز وَكُورِهَا بِمَا يُخْرِجُ لَهُم مِنَ الأَطعمَة وَالأَشربَة فِي غَيْر حينهَا، وَالدَّرَاهم الَّتِي سمَّاهَا درَاهم القُدرَة، فَحَدَّث أَبُو عَلِيٍّ الجبَائِيّ بِذَلِكَ، فَقَالَ: هَذِهِ الأَشيَاء يُمكن الحِيَل فِيْهَا فِي منَازل، لَكِن أَدخلُوهُ بيتاً مِنْ بُيُوْتكُم وَكلِّفُوهُ أَنْ يُخرج مِنْهُ جرزتين شوكاً، فَبلغَ الحَلاَّج قَوْلُه، وَأَنَّ قَوْماً عَملُوا عَلَى ذَلِكَ، فسَافر.

وفِي "النشوَار" لِلتَّنُوخِيّ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَهْوَازِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُنَجِّمٌ مَاهرٌ قَالَ: بَلَغَنِي خبر الحَلاَّج، فجئتُهُ كَالمسترشد، فَخَاطَبَنِي وَخَاطبته ثُمَّ قَالَ: تَشَهَّ السَّاعَة مَا شِئْت حَتَّى أَجيئَكَ بِهِ. وَكُنَّا فِي بَعْضِ بلدَان الْجَبَل الَّتِي لاَ يَكُوْن فِيْهَا الأَنهَار، فَقُلْتُ: أُرِيْدُ سَمَكاً طَرِيّاً حَيّاً، فَقَامَ، فَدَخَلَ البَيْت، وَأَغلق بَابَه، وَأَبطأَ سَاعَة، ثُمَّ جَاءنِي وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015