قَالَ التَّنُوْخِيّ: أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالَ: مِنْ مخَاريق الحَلاَّج أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً وَمَعَهُ مَنْ يَتَنَمَّس عَلَيْهِ وَيَهُوسُهُ، قَدِمَ قَبْل ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابه الَّذِيْنَ يَكْشِفُ لَهُم الأَمْر، ثُمَّ يمضِي إِلَى الصَّحرَاء، فَيُدْفَن فِيْهَا كَعْكاً، وَسُكَّراً، وَسَوِيقاً، وَفَاكهَةً يَابسَة، وَيعلِّم عَلَى مَوَاضِعهَا بِحجر، فَإِذَا خَرَجَ القَوْم وَتَعِبُوا قَالَ أَصْحَابُهُ: نريدُ السَّاعَة كَذَا وَكَذَا، فينفردُ وَيُرِي أَنَّهُ يدعُو، ثُمَّ يَجِيْءُ إِلَى المَوْضِعِ فَيُخْرِجُ الدَّفين الْمَطْلُوب مِنْهُ، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الجَمُّ الغَفير، وَأَخبرُونِي قَالُوا: رُبَّمَا خَرَجَ إِلَى بِسَاتينِ البَلَد، فيقدِّم مَنْ يَدْفِنُ الفَالوذَجَ الحَارَّ فِي الرُّقَاق، وَالسَّمك السُّخن فِي الرُّقَاق، فَإِذَا خَرَجَ طلبَ مِنْهُ الرَّجُل -فِي الحَال- الَّذِي دَفنه، فيُخْرِجه هُوَ.

ابْنُ بَاكويه: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ خَفِيْف: سَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوْب النَّهرجورِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلَ الحَلاَّج مَكَّة وَمَعَهُ أَرْبَعُ مائَة رَجُل، فَأَخَذَ كُلُّ شَيْخ مِنْ شُيُوْخ الصُّوْفِيَّةِ جَمَاعَة، فَلَمَّا كَانَ وَقت المَغْرِب جِئْت إِلَيْهِ، قُلْتُ: قُمْ نُفْطِرْ، فَقَالَ: نَأْكل عَلَى رَأْس أَبِي قُبَيْس، فصعدنَا فَلَمَّا أَكَلْنَا قَالَ الحُسَيْنُ: لَمْ نَأْكل شَيْئاً حُلُواً! قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ أَكلنَا التَّمْر؟ فَقَالَ: أُرِيْد شَيْئاً مسته النار، فهام وأخذ ركوَة، وَغَاب سَاعَة، ثُمَّ رَجَعَ وَمَعَهُ جَامُ حلوَاء، فَوَضَعه بَيْنَ أَيدينَا وَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، فَأَخَذَ القَوْم يَأْكلُوْنَ وَأَنَا أَقُول: قَدْ أَخذ فِي الصَّنعَة الَّتِي نسبهَا إِلَيْهِ عَمْرو بن عُثْمَانَ، فَأَخذتُ قطعَة، وَنزلتُ الوَادِي، وَدُرْتُ عَلَى الحلاَوييِّن أُريهُم تِلْكَ الحلوَاء، وَأَسأَلهُم، حَتَّى قَالَتْ لِي طبَّاخَة: لاَ يعْمل هَذَا إلَّا بِزَبيْد، إلَّا أَنَّهُ لاَ يُمكن حملُه، فَلاَ أَدْرِي كَيْفَ حُمل؟ فَرَجَعَ رَجُلٌ مِنْ زَبيْد إِلَى زَبِيْد، فتعرَّف الْخبز بزَبيْد: هَلْ ضَاع لأَحَدٍ مِنَ الحلاَوييِّن جَامٌ علاَمتُهُ كَذَا وَكَذَا، وَإِذَا بِهِ قَدْ حُمل مِنْ دكَانَ إِنْسَانٍ حلاَوِيّ، فصحَّ عِنْدِي أَنَّ الرَّجُل مَخْدُومِ.

قَالَ أَبُو علي ابن البَنَّاءِ -فِيْمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْن نَاصر بِالإِجَازَةِ: حرَّك الحَلاَّج يَده يَوْماً، فَنثرَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ درَاهِم، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ درَاهم مَعْرُوْفَة، وَلَكِنْ أُؤمِنُ بِكَ إِذَا أَعطيتَنِي دِرْهَماً عَلَيْهِ اسْمُك وَاسمُ أَبيك، فَقَالَ: وَكَيْفَ وَهَذَا لَمْ يُصنع؟ قَالَ: مَنْ أَحضرَ مَنْ لَيْسَ بحَاضِرٍ صَنَعَ مَا لَمْ يُصنع، فَهَذِهِ حِكَايَة منقطعَة.

وَقَالَ التَّنُوْخِيّ: أَخْبَرَنَا أَبِي: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زنجِيّ الكَاتِب، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: حضَرتُ مَجْلِسَ حَامِد الوَزِيْر وَقَدْ أَحضر السِّمَّرِيّ -صَاحِب الحَلاَّج- وَسَأَلَهُ عَنْ أَشيَاء مِنْ أَمر الحَلاَّج، وَقَالَ لَهُ: حَدِّثْنِي بِمَا شَاهدت مِنْهُ، فَقَالَ: إِنْ رَأَى الوَزِيْر أَنْ يُعْفِيَنِي، فَعَلَ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَعْلَم أَنِّي إِن حَدَّثْتُكُ كَذَّبْتَنِي، وَلَمْ آمن عقوبَة، فَأَمَّنَهُ، فَقَالَ: كُنْتُ مَعَهُ بفَارس فَخَرَجْنَا إِلَى إِصْطَخر في الشتاء، فاشتهيت عليه خِيَاراً، فَقَالَ لِي: فِي مِثْلِ هَذَا المَكَان وَالزَّمَان؟ قُلْتُ: هُوَ شَيْءٌ عَرَضَ لِي، فَلَمَّا كَانَ بَعْد سَاعَة قَالَ: أَنْتَ عَلَى شَهْوَتك؟ قُلْتُ: نَعَم، فسرنَا إِلَى جبل ثَلج، فَأَدخل يَده فِيْهِ، وَأَخرج إِلَيَّ خيَارَةً خَضْرَاء، فَأَكَلتُهَا، فقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015