وَهُوَ القَائِلُ:
وَلَوْ كَانَتِ الأَرْزَاقُ تُجْرَى عَلَى الحِجَى ... هَلَكْنَ إِذاً مِنْ جَهْلِهِنَّ البَهَائِمُ
وَلَمْ يَجْتَمِعْ شَرْقٌ وَغَرْبٌ لِقَاصِدٍ ... وَلاَ المَجْدُ فِي كَفِّ امْرِئٍ وَالدَّرَاهِمُ
وَلَهُ:
أَلَمْ تَرَنِي خَلَّيتُ نَفْسِي وَشَأْنَهَا ... فَلَمْ أَحْفَلِ الدُّنْيَا وَلاَ حَدَثَانَهَا
لَقَدْ خَوَّفَتْنِي الحَادِثَاتُ صُرُوفَهَا ... وَلَوْ أَمَّنَتْنِي مَا قَبِلْتُ أَمَانَهَا
يَقُوْلُوْنَ هَلْ يَبْكِي الفَتَى لِخَرِيْدَةٍ ... مَتَى مَا أَرَادَ اعْتَاضَ عَشْراً مَكَانَهَا
وَهَلْ يَسْتَعِيضُ المَرْءُ مِنْ خَمْسِ كَفِّهِ ... وَلَوْ صَاغَ من حر اللجين بنانها
وَدِيْوَانُ أَبِي تَمَّامٍ كَبِيْرٌ سَائِرٌ وَلَمَّا مَاتَ رَثَاهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الوَزِيْرُ، فَقَالَ:
نَبَأٌ أَلَمَّ مُقَلْقِلُ الأَحْشَاءِ ... لَمَّا أَتَى مِنْ أَعْظَمِ الأَنْبَاءِ
قَالُوا حَبِيْبٌ قَدْ ثَوَى فَأَجَبْتُهُمْ ... نَاشَدْتُكُمْ لاَ تَجْعَلُوهُ الطَّائِي
وَلِلْحَسَنِ بنِ وَهْبٍ الوَزِيْرِ:
فُجِعَ القَرِيضُ بِخَاتَمِ الشُّعَرَاءِ ... وَغَدِيرِ رَوْضَتِهَا حَبِيْبِ الطَّائِي
مَاتَا مَعاً فَتَجَاوَرَا فِي حُفرَةٍ ... وكذاك كانا قبل في الأحياء
وكان بن وَهْبٍ قَدِ اعتَنَى بِأَبِي تَمَّامٍ, وَوَلاَّهُ بَرِيدَ المَوْصِلِ, فَأَقَامَ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ. وَمَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ مَخْلَدٌ المَوْصِلِيُّ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا نِفْطَوَيْه, وَغَيْرُهُ فَوَرَّخُوا مَوْتَهُ بِسَامَرَّاءَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَيُقَالُ: عَاشَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً. عَفَا اللهُ عَنْهُ وَرَحِمَهُ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: كَانَ وَاحِدَ عَصْرِهِ في ديباجة لفظه, وفصاحة شعره وَحُسْنِ أُسْلُوْبهِ. أَلَّفَ "الحَمَاسَةَ" فَدَلَّتْ عَلَى غَزَارَةِ مَعْرِفَتِهِ بِحُسْنِ اخْتِيَارهِ وَلَهُ كِتَابُ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ, وَقِيْلَ: كَانَ يَحْفَظُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أُرْجُوْزَةٍ لِلْعَرَبِ.
وَقِيْلَ: أَجَازَهُ أَبُو دُلَفٍ بِخَمْسِيْنَ أَلفَ درهم, واعتذر.