لسفيان فقالوا: كم يكون حديثه؟ فقلت: كَذَا وَكَذَا. فَسَبَّحَ سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَأَنكرَ ابْنُ دَيْسَمٍ, وَكَانَ إِنْكَارُ ابْنِ دَيْسَمٍ أَشَدَّ عَلَيَّ, فَأَقْبَلْتُ عَلَى سَعِيْدٍ فَقُلْتُ: كَمْ تَحْفَظُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ. فَذَكَرَ: نَحْوَ النِّصْفِ مِمَّا قُلْتُ، وَأَقْبَلْتُ عَلَى ابْنِ دَيْسَمٍ فَقُلْتُ: كَمْ تَحْفَظُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ. فَذَكَرَ: زِيَادَةً عَلَى مَا قَالَ سَعِيْدٌ نَحْوَ الثَّلاَثِيْنَ مِمَّا قُلْتُ أَنَا، فَقُلْتُ: لِسَعِيْدٍ تَحْفَظُ مَا كَتَبْتَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ. فَقَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَعُدَّ. وَقُلْتُ لابْنِ دَيْسَم: فَعُدَّ مَا كَتَبْتَ، قَالَ: فَإِذَا سَعِيْدٌ يُغْرِبُ عَلَى ابْنِ دَيْسَمٍ بِأَحَادِيْثَ وَابْنُ دَيْسَمٍ يُغْرِبُ عَلَى سَعِيْدٍ فِي أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةٍ فَإِذَا قَدْ ذَهَبَ عَلَيْهِمَا أَحَادِيْثُ يَسِيْرَةٌ فَذَكَرْتُ مَا ذَهَبَ عَلَيْهِمَا فَرَأَيْتُ الحَيَاءَ وَالخَجَلَ فِي وُجُوْهِهِمَا.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ الحُمَيْدِيُّ: مِنْ بَنِي أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ صاحب ابن عيينة وروايته ثِقَةٌ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ. مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ, وَكَذَا أَرَّخَ البُخَارِيُّ وَقِيْلَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ.

وَلَهُ رِوَايَةٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلٍ القُهُسْتَانِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ صَاحِبَ بَلْغَمٍ, أَحْفَظَ مِنَ الحُمَيْدِيِّ, كَانَ يَحْفَظُ لِسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه يقول: الأَئِمَّةُ فِي زَمَانِنَا الشَّافِعِيُّ وَالحُمَيْدِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ.

وَقَالَ عَلِيُّ بنُ خَلَفٍ: سَمِعْتُ الحُمَيْدِيَّ يَقُوْلُ: مَا دُمْتُ بِالحِجَازِ, وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ بِالعِرَاقِ, وَإِسْحَاقُ بِخُرَاسَانَ لاَ يَغْلِبُنَا أَحَدٌ.

وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: الحُمَيْدِيُّ إِمَامٌ فِي الحَدِيْثِ.

قَالَ الفِرَبْرِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُهَلَّبِ البُخَارِيُّ, حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ, قَالَ: وَاللهِ لأَنْ أَغْزُوَ هَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ يَرُدُّوْنَ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغزُوَ عِدَّتَهُم مِنَ الأَترَاكِ.

قُلْتُ: لَمَّا تُوُفِّيَ الشَّافِعِيُّ, أَرَادَ الحُمَيْدِيُّ أَنْ يَتَصَدَّرَ مَوْضِعَهُ, فَتَنَافَسَ هُوَ وَابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ عَلَى ذَلِكَ, وَغَلَبَهُ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ عَلَى مَجْلِسِ الإِمَامِ, ثُمَّ إِنَّ الحُمَيْدِيَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ, وَأَقَامَ بِهَا يَنْشُرُ العِلْمَ رَحِمَهُ اللهُ.

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ, أَخْبَرَنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015