النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ مَرَّةً ضَعِيْفٌ.

قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ النَّسَائِيَّ يَذْكُرُ فَضْلَ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ وَتَقَدُّمَهُ فِي العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ وَالسُّنَنِ، ثُمَّ قِيْلَ لَهُ: فِي قَبُولِ حَدِيْثِهِ, فَقَالَ: قَدْ كَثُرَ تَفَرُّدُهُ عَنِ الأَئِمَّةِ المَعْرُوْفِيْنَ بِأَحَادِيْثَ كَثِيْرَةٍ فَصَارَ

فِي حَدِّ مَنْ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ, وَوَهِمَ.

قُلْتُ: لاَ يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ الفِتَنِ فَأَتَى فِيْهِ بِعَجَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ عَقِيْبَ مَا سَاقَ لَهُ مِنَ المَنَاكِيْرِ: وقد كان أحد من يَتَصَلَّبُ فِي السُّنَّةِ، وَمَاتَ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ فِي الحَبْسِ، وَعَامَّةُ مَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ هُوَ مَا ذَكَرْتُهُ, وَأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ بَاقِي حَدِيْثِهِ مُسْتَقِيْماً.

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ الخَالِدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الطَّرَسُوْسِيَّ يَقُوْلُ: أُخِذَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ فِي أَيَّامِ المِحْنَةِ, سَنَةَ ثَلاَثٍ, أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَلْقَوْهُ فِي السِّجْنِ, وَمَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي قُيُودِهِ, وَقَالَ: إِنِّيْ مُخَاصِمٌ.

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ سنة ثلاث وتسعين وستمائة أَخْبَرَنَا الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ خَيْرُوْنَ وَأَبُو الحَسَنِ بنُ أَيُّوْبَ البَزَّازُ قَالاَ: أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ القَطَّانُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ

حَمَّادٍ يَقُوْلُ: مَنْ شَبَّهَ اللهُ بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ أَنْكَرَ مَا وَصَفَ بِهِ نفسه فقد كفر وليس في وَصَفَ اللهُ بِهِ

نَفْسَهُ وَلاَ رَسُولُهُ تَشْبِيْهٌ.

قُلْتُ: هَذَا الكَلاَمُ حَقٌّ, نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ التَّشْبِيْهِ, وَمِنْ إِنْكَارِ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ, فَمَا يُنْكِرُ الثَّابِتَ مِنْهَا مَنْ فَقُهَ, وَإِنَّمَا بَعْدَ الإِيْمَانِ بِهَا هُنَا مَقَامَانِ مَذْمُوْمَانِ: تَأْوِيْلُهَا وَصَرْفُهَا عَنْ مَوْضُوْعِ الخِطَابِ, فَمَا أَوَّلَهَا السَّلَفُ وَلاَ حَرَّفُوا أَلفَاظَهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا بَلْ آمَنُوا بِهَا وَأَمَرُّوْهَا كَمَا جَاءتْ.

المَقَامُ الثَّانِي: المُبَالغَةُ فِي إِثْبَاتِهَا، وتصورها من جنس صفات البَشَرِ، وَتَشَكُّلُهَا فِي الذِّهْنِ، فَهَذَا جَهْلٌ وَضَلاَلٌ، وَإِنَّمَا الصِّفَةُ تَابِعَةٌ لِلْمَوْصُوفِ، فَإِذَا كَانَ المَوْصُوفُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَمْ نَرَهُ، وَلاَ أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ عَايَنَهُ مَعَ قَولِهِ لَنَا فِي تَنَزِيْلِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّوْرَى: 11] ، فَكَيْفَ بَقِيَ لأَذْهَانِنَا مَجَالٌ فِي إِثْبَاتِ كَيْفِيَّةِ البَارِئِ تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ، فكَذَلِكَ صِفَاتُهُ المُقَدَّسَةُ نُقِرُّ بِهَا، وَنَعْتَقِدُ أَنَّهَا حَقٌّ وَلاَ نُمَثِّلُهَا أَصْلاً وَلاَ نَتَشَكَّلُهَا.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ: حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ، سَأَلْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحَدِيْدُ:4] .

قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ بِعِلْمِهِ, أَلاَ تَرَى قَوْلَهُ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] , الآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015