أَمَازِنُ تَمِيْمٍ؟ أَمْ مَازِنُ قَيْسٍ؟ أُم مَازِنُ رَبِيْعَةَ؟ قُلْتُ: مَازِنُ رَبِيْعَةَ فَكَلَّمَنِي حِيْنَئِذٍ بِلُغَةِ قَوْمِي.

فَقَالَ: با اسْمُكَ؟ لأَنَّهُم يَقْلِبُوْنَ المِيمَ باءً وَالبَاءَ مِيماً فَكَرِهْتُ أَنْ أُوَاجِهَهُ بِـ"مكر" فَقُلْتُ: بَكْرٌ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَفَطِنَ لَهَا وَأَعْجَبَتْه قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي هَذَا البَيْتِ؟ قُلْتُ: الوَجْهُ النَّصْبُ؛ لأَنَّ مُصَابَكُم مَصْدَرٌ بِمَعْنَى: إِصَابَتِكُم فَعَارَضَنِي ابْنُ اليَزِيْدِيِّ. قُلْتُ: هُوَ بمنزلة إن ضَرْبَكَ زَيْداً ظُلْمٌ فَالرَّجُلُ مَفْعُوْلُ مُصَابَكُم، والكَلاَمُ مُعَلَّقٌ إِلَى أَنْ تَقُوْلَ: ظُلْمٌ فَيَتُمُّ الكَلاَمُ فَأُعْجِبَ الوَاثِقُ، وَأَعْطَانِي أَلْفَ دِيْنَارٍ.

قِيْلَ: إِنَّ الوَاثِقَ كَانَ ذَا نَهْمَةٍ بِالجِمَاعِ بِحَيْثُ إِنَّهُ أَكَلَ لَحْمَ سَبُعٍ لِذَلِكَ فَوَلَّدَ لَهُ مَرَضاً صَعْباً كَانَ فِيْهِ حَتْفُهُ.

وفِي العَامِ الثَّانِي مِنْ دَوْلَتِهِ: قَدَّمَ مَوْلاَهُ أَشْنَاسَ عَلَى القُوَّادِ وألبسه ناجا وَوِشَاحَيْنِ مُجَوْهَرَيْنِ.

وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ: صَادَرَ الدَّوَاوِيْنَ، وَضَرَبَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَأَخَذَ مِنْهُ ثَمَانِ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَمِن سُلَيْمَانَ بنِ وَهْبٍ أَرْبَعَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَأَخَذَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ الخَصِيْبِ، وَكَاتِبِهِ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ.

وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ: قُتِلَ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الخُزَاعِيُّ الشَّهِيْدُ ظُلْماً، وَأَمَرَ بِامْتِحَانِ الأَئِمَّةِ، وَالمُؤَذِّنِيْن بِخَلْقِ القُرْآنِ وَافتَكَّ مِنْ أَسْرِ الرُّوْمِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، وَسِتَّ مائَةِ نَفْسٍ. فَقَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: مَنْ لَمْ يَقُلْ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ فَلاَ تَفْتَكُّوهُ.

وَفِيْهَا: جَاءَ المَجُوْسُ الأَرْدَمَانِيُّونَ في مراكب من ساحل البحر الأعظم فَدَخَلُوا إِشْبِيْلِيَّةَ بِالسَّيْفِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا سُوْرٌ بَعْدُ فَجَهَّزَ لِحَرْبِهِم أَمِيْرُ الأَنْدَلُسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ المرواني جيشا، فالتقوا فانهزم الأردمانيون وأسر متهم أَرْبَعَةُ آلاَفٍ، وَللهِ الحَمْدُ.

قَالَ زُرْقَانُ بنُ أَبِي دُوَادَ: لَمَّا احْتُضِرَ الوَاثِقُ، رَدَّدَ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ:

المَوْتُ فِيْهِ جَمِيْعُ الخَلْقِ مُشْتَرِكٌ ... لاَ سُوقَةٌ مِنْهُمُ يَبْقَى وَلاَ مَلِكُ

مَا ضَرَّ أَهْلَ قَلِيْلٍ فِي تَفَرُّقِهم ... وَلَيْسَ يُغْنِي عَنِ الأَمْلاَكِ مَا مَلَكُوا

ثمَّ أَمَرَ بِالبُسُطِ فَطُوِيَتْ، وَأَلْصَقَ خَدَّهُ بِالتُّرَابِ وَجَعَلَ يَقُوْلُ: يَا مَنْ لاَ يَزُولُ مُلْكُهُ ارْحَمْ مَنْ قَدْ زَالَ مُلْكُهُ.

وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاثِقِيُّ أَمِيْرُ البَصْرَةِ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كُنْتُ أُمَرِّضُ الوَاثِقَ، فَلَحِقَتْهُ غَشْيَةٌ فَمَا شَكَكْنَا أَنَّهُ مَاتَ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: تَقَدَّمُوا فَمَا جَسَرَ أَحَدٌ سِوَايَ فلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015