الفَاعِلَةِ، إِنَّمَا أَنْتَ رَاعِي بَقَرٍ. ثُمَّ قَيَّدَ أَتْبَاعَهُ، وَكَاتَبَ الأَفْشِيْنَ فَجَهَّزَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ فَتَسَلَّمُوهُ، وَجَاءَ سَهْلٌ فَخَلَعَ عَلَيْهِ الأَفْشِيْنُ وَبُعِثَتْ بِطَاقَةٌ بِذَلِكَ إِلَى بَغْدَادَ فَضَجَّ النَّاسُ بِالتَّكْبِيْرِ، وَالشُّكْرِ للهِ ثُمَّ قَدِمُوا بِبَابَكَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ.

وَكَانَ المُعْتَصِمُ يَبْعَثُ كُلَّ يَوْمٍ بِخِلْعَةٍ وَفَرَسٍ لِلأَفْشِيْنِ، وَمِنْ سُرُوْرِهِ بِذَلِكَ رَتَّبَ البَرِيْدَ مِنْهُ إِلَى الأَفْشِيْنَ، فَكَانَ يَجِيْئُهُ الخَبَرُ فِي أربعة أيام، وذلك مَسِيْرَةُ شَهْرٍ. ثُمَّ أَتى أَحْمَدُ بنُ أَبِي داود مُتَنَكِّراً فِي اللَّيْلِ، فَشَاهدَ بَابَكَ ثُمَّ أَعْلَمَ المُعْتَصِمَ فَمَا صَبَرَ وَأَتَاهُ مُتَنَكِّراً فَتَأَمَّلَهُ.

وَكَانَ هَذَا الشَّقِيُّ ثِنْوِيّاً عَلَى دِيْنِ مَانِي، وَمَزْدَكَ يَقُوْلُ بِتَنَاسُخِ الأَروَاحِ وَيَستَحِلُّ البِنْتَ وَأُمَّهَا.

وَقِيْلَ: كَانَ وَلَدَ زِنَىً وَكَانَتْ أُمُّهُ عَوْرَاءَ يُقَالُ لَهَا: رُوْمِيَّةُ العِلْجَةُ، وَكَانَ عَلِيُّ بنُ مَزْدَكَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ زَنَى بِهَا وَبَابَكُ مِنْهُ.

وَقِيْلَ: كَانَتْ صُعْلُوكَةً مِنْ قُرَى أَذْرَبِيْجَانَ فَزَنَى بِهَا نَبَطِيٌّ فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِبَابَكَ فَرُبِّيَ بَابَكُ أَجِيْراً فِي القَريَةِ، وَكَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ مِنَ الخُرَّمِيَّةِ لَهُم كَبِيْرَانِ: جَاوَنْدَانُ، وَعِمْرَانُ فَتَفَرَّسَ جَاوَنْدَانُ النَّجَابَةَ فِي بَابَكَ فَاكْتَرَاهُ مِنْ أُمِّهِ، فَهَوِيَتْهُ زَوْجَةُ جَاوَنْدَانَ وَأَطلَعَتْهُ عَلَى الأَسْرَارِ.

ثُمَّ قُتِلَ زَوْجُهَا فِي مُحَاربَةٍ لابْنِ عَمِّهِ فَزَعَمَتْ أَنَّ زَوْجَهَا اسْتَخلَفَ بَابَكَ فَصَدَّقَهَا الجَمِيْعُ.

فَأَمرَهُم أَنْ يَقْتُلُوا مَنْ وَجَدُوهُ فِي اللَّيْلِ فَأَصبَحَ عِدَّةُ قَتْلَى وَانضَافَ إِلَيْهِم كُلَّ شِرِّيرٍ، وَقَاطعِ طَرِيْقٍ وَصَارَ أَمرُ بَابَكَ إِلَى مَا صَارَ، وَكَانَتْ دَولَتُهُ عِشْرِيْنَ سَنَةً بَلْ أَزْيَدَ وَكَانَ مَعَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِيْنَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ فَارِغِيْنَ مِنَ الدِّيْنِ، وبعضهم زنادقة وقتلوا وسبوا وأخذوا الحصون.

نَعَمْ وَأَمَرَ المُعْتَصِمُ فَأُرْكِبَ بَابَكُ فِيلاً وَأَلبَسَهُ الدِّيبَاجَ وَقَلَنْسُوَةً كَبِيْرَةً مِنْ سَمُّورٍ، وَطَافُوا بِهِ ثُمَّ قُطِعَتْ أَرْبَعَتُهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ ثُمَّ ذُبِحَ وَطِيفَ بِرَأْسِهِ بِسَامَرَّاءَ ثُمَّ بُعِثَ بِأَخِيْهِ إِلَى بَغْدَادَ فَعُمِلَ بِهِ كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: كَانَ أَشْجَعَ مِنْ بَابَكَ فَقَالَ: يَا بَابَكُ! قَدْ عَمِلْتَ مَا لَمْ يَعْمَلْهُ أَحَدٌ فَاصْبِرْ صَبراً لَمْ يَصْبِرْهُ أَحَدٌ قَالَ: سَوفَ تَرَى فَلَمَّا قَطَعُوا يَدَهُ خَضَبَ صُوْرَتَهُ بِالدَّمِ فَقَالَ المُعْتَصِمُ: لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: إِنَّكَ أَمَرْتَ بِقَطعِ أَطْرَافِي، وَفِي نَفْسِكَ أَنْ لاَ تَكْوِيَهَا فَيَنْزِفُ الدَّمُ فَيَصْفَرُّ لَوْنِي فَتَظُنُّونَهُ جَزَعاً مِنِّي فَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ أَفْعَالَهُ لاَ تُسَوِّغُ الصَّنِيعَةَ، وَالعَفْوَ لاَسْتَبْقَيْتُهُ ثُمَّ أُحْرِقَ.

وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَبَادَ مِنَ الأُمَّةِ خَلاَئِقَ وَبِخَطِّ الإِمَامِ ابْنِ الصَّلاَحِ: أَنَّ قَتْلَى بَابَكَ بَلَغُوا أَلفَ أَلفٍ، وَخَمْسَ مائَةِ أَلْفٍ، وَأُحْصِيَ قَتْلَى أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ فَبَلَغُوا أَلفَيْ أَلفٍ.

وَفِيْهَا: التَقَى طَاغيَةُ الرُّوْمِ وَالأَفْشِيْنُ فَهَزَمَهُ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَيَّامٍ. وَخَرَّبَ المُعْتَصِمُ أَنْقِرَةَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015