وَاسْتَوْزَرَ مُحَمَّدَ بنَ الزَّيَّاتِ وَاعْتَنَى بِاقْتِنَاءِ المَمَالِيْكِ التُّرْكِ، وَبَعَثَ إِلَى النَّوَاحِي فِي شِرَائِهِم، وَأَلبَسَهُمُ الحَرِيْرَ وَالذَّهَبَ.

وَفِي سَنَةِ221: كَانَتْ وَقعَةٌ بَيْنَ العَسْكَرِ وَبَابَكَ.

وَحَجَّ فِيْهَا حَنْبَلٌ فَقَالَ: رَأَيْتُ كِسْوَةَ الكَعْبَةِ، وَقَدْ كُتِبَ فِيْهَا فِي الدَّارَاتِ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ اللَّطِيْفُ الخَبِيْرُ، فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: قَاتَلَ اللهُ الخَبِيْثَ عَمَدَ إِلَى كَلاَمِ اللهِ فَغَيَّرَهُ عَنَى ابْنَ أَبِي دَاوُدَ.

وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ، وَعِشْرِيْنَ: كَانَ المَصَافُّ بَيْنَ بَابَكَ الخُرَّمِيِّ، وَبَيْنَ الأَفْشِيْنِ فَطَحَنَهُ الأَفْشِيْنُ، وَاسْتَبَاحَ عَسْكَرَهُ، وَهَرَبَ ثُمَّ إِنَّهُ أُسِرَ بَعْدَ فُصُولٍ طَوِيْلَةٍ، وَكَانَ أَحَدَ الأَبطَالِ أخاف الإسلام وأهله، وهزم الجيوش عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَغَلَبَ عَلَى أَذْرَبِيْجَانَ وَغَيْرِهَا وَأَرَادَ أَنْ يُقِيْمَ المِلَّةَ المَجُوْسِيَّةَ، وَظَهَرَ فِي أَيَّامِهِ المَازَيَارُ أَيْضاً بِالمَجُوْسِيَّةِ بِطَبَرِسْتَانَ، وَعَظُمَ البَلاَءُ.

وَكَانَ المُعْتَصِمُ وَالمَأْمُوْنُ قَدْ أَنفَقُوا عَلَى حَرْبِ بَابَكَ قنَاطِيْرَ مُقَنْطَرَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، فَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بَعَثَ المُعْتَصِمُ نَفَقَاتٍ إِلَى جَيْشِهِ مَعَ الأَفْشِيْنِ، فَكَانَتْ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَأُخِذَتِ البَذُّ مَدِيْنَةُ بَابَكَ اللَّعِينِ، وَاخْتَفَى فِي غَيْضَةٍ وَأُسِرَ أَهلُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَقُطِعَ دَابِرُ الخُرَّمِية.

ثُمَّ وَرَدَ أَمَانٌ مِنَ المُعْتَصِمِ لِبَابَكَ، فَبَعَثَ بِهِ الأَفْشِينُ إِلَيْهِ مَعَ اثْنَيْنِ وَكَتَبَ ابْنُه إِلَيْهِ يُشِيْرُ عَلَيْهِ بِقَبُولِ الأَمَانِ فَلَمَّا دَخَلاَ إِلَى الشَّعْرَاءِ الَّتِي فِيْهَا بَابَكُ قَتَلَ أَحَدَهُمَا، وَقَالَ لِلآخَرِ: امضِ إِلَى ابْنِ الفَاعِلَةِ ابْنِي فَقُلْ: لَوْ كَانَ ابْنِي لَلَحِقَ بِي ثُمَّ مَزَّقَ الأمان وفارق الغيضة وصعد الجبل في طُرُقٍ يَعْرِفُهَا لاَ تُسْلَكُ. وَكَانَ الأَفْشِينُ قَدْ رَتَّبَ الكُمَنَاءَ فِي المَضَايِقِ، فَنَجَا بَابَكُ وَلَجَأَ إِلَى جِبَالِ أَرْمِيْنِيَةَ فَلَقِيَهُ سَهْلٌ البَطْرِيْقُ فَقَالَ: الطَّلَبُ وَرَاءَكَ فَانزِلْ عِنْدِي فَنَزَلَ وَرَكَنَ إِلَيْهِ فَبَعَثَ البَطْرِيقُ إِلَى الأَفْشِيْنِ بِذَلِكَ فَجَاءَ فُرْسَانٌ فَأَحَاطُوا بِهِ، وَأَخَذُوهُ. وَكَانَ المُعْتَصِمُ قَدْ جَعَلَ لمن جاء به حيا أَلفِ دِرْهَمٍ، وَلِمَنْ جَاءَ بِرَأْسِهِ أَلفَ أَلفٍ فَأُعْطِيَ البَطْرِيقُ أَلفَ أَلفٍ، وَأُطْلِقَ لَهُ خَرَاجُهُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.

وَقَالَ المَسْعُوْدِيُّ: هَرَبَ بَابَكُ بِأَخِيْهِ وَأَهلِهِ وَخَوَاصِّهِ فِي زِيِّ التُّجَّارِ، فَنَزَلَ بِأَرْضِ أَرْمِيْنِيَةَ بِعَمَلِ سَهْلِ بنِ سُنْبَاطٍ فَابْتَاعُوا شَاةً مِنْ رَاعٍ فَنَكِرَهُم فَأَتَى سَهْلاً فَأَعْلَمَهُ، فَقَالَ: هَذَا بَابَكُ بِلاَ شَكٍّ فَرَكِبَ فِي أَجْنَادِهِ حَتَّى أَتَى بَابَكَ فَتَرَجَّلَ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالمُلْكِ وَقَالَ: قُمْ إِلَى قَصْرِكَ فَأَنَا عَبْدُكَ فَمَضَى مَعَهُ، وَمَدَّ السِّمَاطَ لَهُ وَأَكَلَ مَعَهُ فَقَالَ بَابَكُ: أَمِثْلُكَ يَأْكلُ مَعِي؟! فَوَقَفَ وَاعْتَذَرَ ثُمَّ أَحْضَرَ حَدَّاداً لِيُقَيِّدَهُ، فَقَالَ: أَغَدْراً يَا سَهْلُ؟ قَالَ: يَا ابْنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015