بَرَّ اللهُ حَجَّكَ فَقُلْتُ: لَمْ أَحُجَّ قَالَ: مَا شَكَكْتُ أَنَّكَ حَاجٌّ. ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا عُثْمَانَ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ الجَارِيَةُ تَقُوْلُ لِي: أَنْتَ مُصَدَّعٌ، وَأَنَا فِي عَافِيَةٍ فَقُلْتُ: أَيْشٍ أَكَلْتَ اليَوْمَ؟ قَالَ: أَكَلْتُ أَكْلَةَ رُزٍّ، وَلَيْسَ أَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ إِلَى غَدٍ، أَوْ بِالعَشِيِّ آكُلُ أُخْرَى تَكْفِيْنِي لِغَدٍ. قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: فَلَمَّا كَانَ بِالعَشِيِّ جِئْتُ إِلَيْهِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ كَمَا حَكَى أَبُو خَيْثَمَةَ فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: إِنَّ يَحْيَى يَقُوْلُ: إِنَّكَ قَدِ اخْتَلَطْتَ فَقَالَ: لَعَنَ اللهُ يَحْيَى أَرْجُو أَنْ يُمَتِّعَنِي اللهُ بِعَقْلِي حَتَّى أَمُوْتَ. قَالَ الحربي: يكون ساعة خوفا وَسَاعَةً عَقِلاً.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ أبي، ويحيى يقولان: أنكرنا عفان في صَفَرٍ لأَيَّامٍ خَلَوْنَ مِنْهُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ.
قُلْتُ: كُلُّ تَغَيُّرٍ يُوْجَدُ فِي مَرَضِ المَوْتِ فَلَيْسَ بِقَادِحٍ فِي الثِّقَةِ، فَإِنَّ غَالِبَ النَّاسِ يَعْتَرِيْهِم فِي المَرَضِ الحَادِّ نَحْوُ ذَلِكَ، وَيَتِمُّ لَهُمْ وَقْتَ السِّيَاقِ، وَقَبْلَهُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا المَحْذُوْرُ أَنْ يَقَعَ الاخْتِلاَطُ بِالثِّقَةِ فَيُحَدِّثُ فِي حَالِ اخْتِلاَطِهِ بِمَا يَضْطَرِبُ فِي إِسْنَادِهِ أَوْ مَتْنِهِ فَيُخَالَفُ فِيْهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَتُوُفِّيَ بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ فَوَهْمٌ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي الحِكَايَةِ بِعَيْنِهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ، وَهَذَا هُوَ الحَقُّ فَإِنَّ عَفَّانَ كاد أبو داود يَلْحَقَهُ، وَإِنَّمَا دَخَلَ أَبُو دَاوُدَ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ، وَقَدْ قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ عَفَّانَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ عَفَّانُ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ أَوْ قَبْلَهَا.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ وَابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ.
قُلْتُ: عَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا شَيْخُ الإِسْلاَمِ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ فِي جَمَاعَةٍ إِذْناً قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشافعي حدثنا جعفر بن محمد بنِ شَاكِرٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوْبَ العَتَكِيُّ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ: "أَصُمْتِ أَمْسِ"؟. قَالَتْ: لاَ قَالَ: "أَتُرِيْدِيْنَ أَنْ تَصُوْمِي غَداً"؟. قَالَتْ: لاَ قال: "فأفطري" 1.