الزَّاهِدُ, القُدْوَةُ, شَيْخُ العُبَّادِ, أَبُو عُبَيْدَةَ البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وعبد الله بن راشد، وعبادة ابن نُسَيٍّ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ السَّمَّاكِ، وَوَكِيْعٌ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَآخَرُوْنَ.، وَحَدِيْثُه مِنْ قَبِيْلِ الوَاهِي عِنْدَهُم.
قَالَ البُخَارِيُّ: تَرَكُوْهُ.، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوْكُ الحديث.، وقال ابن حِبَّانَ: كَانَ مِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ العِبَادَةُ حَتَّى غَفِلَ عَنِ الإِتقَانِ فَكَثُرَتِ المَنَاكِيْرُ فِي حَدِيْثِهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: قَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ: أَصَابَ عَبْدَ الوَاحِدِ الفَالِجُ فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُطْلِقَهُ فِي، وَقْتِ الوُضُوْءِ فَكَانَ إِذَا أَرَادَ الوُضُوْءَ انْطَلَقَ، وَإِذَا رَجَعَ إِلَى سَرِيْرِه فلج.
وعنه قال: علكيم بِالخُبْزِ، وَالمِلْحِ فَإِنَّهُ يُذِيبُ شَحْمَ الكُلَى، وَيَزِيْدُ فِي اليَقِيْنِ. قَالَ مُعَاذُ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِدِ بنَ زَيْدٍ غَيْرَ مرَّةٍ يَقُوْلُ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي جَمِيْعَ مَا حَوَتْهُ البَصْرَةُ بِفِلْسَيْنِ.
وَعَنْ رَجُلٍ قَالَ: وَعَظَ عَبْدُ الوَاحِدِ فَنَادَى رَجُلٌ: كُفَّ فَقَدْ كَشَفْتَ قِنَاعَ قَلْبِي. فَمَا الْتَفَتَ، وَمَرَّ فِي المَوْعِظَةِ فَحَشْرَجَ2 الرَّجُلُ، وَمَاتَ فَشَهِدتُ جِنَازَتَه.
وَقَالَ مِسْمَعُ بنُ عَاصِمٍ: شَهِدتُ عَبْدَ الوَاحِدِ يَعِظُ فَمَاتَ فِي المَجْلِسِ أَرْبَعَةٌ.
وَعَنْ حُصَيْنٍ الوَزَّانِ قَالَ: لَوْ قُسِمَ بَثُّ3 عَبْدِ الوَاحِدِ عَلَى أَهْلِ البَصْرَةِ لَوَسِعَهُم. وَكَانَ يَقُوْمُ إِلَى مِحْرَابِهِ كَأَنَّهُ رَجُلٌ مُخَاطَبٌ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيِّ قَالَ: صَلَّى عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زَيْدٍ الصُّبْحَ بِوُضُوْءِ العَتَمَةِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: فَارَقَ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ لاعْتِزَالِهِ، وَقَالَ بِصِحَّةِ الاكتِسَابِ، وَقَدْ نُسِبَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ القَدَرِ، وَلَمْ يُشْهَرْ بل نصب نفسه للكلام في مذاهب النُّسَّاكِ، وَتَبِعَهُ خَلقٌ.، وَقَدْ كَانَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ يَعِظَانِ أَيْضاً، وَلَكِنَّهُمَا كَانَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
وَكَانَ عَبْدُ الوَاحِدِ صَاحِبَ فُنُوْنٍ دَاخِلاً فِي مَعَانِي المَحَبَّةِ، وَالخُصُوصِ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ رُؤْيَةِ الاكتِسَابِ، وَفِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ أُصُوْلِ أَهْلِ القَدَرِ فَإِنَّ عِنْدَهُم: لاَ نَجَاةَ إلَّا بِعَمَلٍ. فَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَيَحُضُّونَ عَلَى الاجْتِهَادِ فِي العَمَلِ، وَلَيْسَ بِهِ النَّجَاةُ، وَحدَهُ دُوْنَ رَحْمَةِ اللهِ.
وَكَانَ عَبْدُ الوَاحِدِ لاَ يُطْلِقُ: إِنَّ اللهَ يُضِلُّ العِبَادَ تَنْزِيْهاً لَهُ. وَهَذِهِ بِدْعَةٌ.
وَفِي الجُمْلَةِ: عَبْدُ الوَاحِدِ مِنْ كِبَارِ العُبَّادِ، وَالكَمَالُ عَزِيْزٌ. وَقَدْ سُقْتُ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ"، ولكن ابن عوف، ومسعر، وهؤلاء أرفع وأجل.
ومات بَعْدَ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ. وَيُقَالُ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ. وَهَذَا بَعِيْدٌ جِدّاً، وَإِنَّمَا المُتَأَخِّرُ إِلَى هَذَا التَّارِيْخِ: الحَافِظُ عَبْدُ الوَاحِدِ بن زياد البصري.