مِنْهُم فَأَعْطَوْهُ أَلفَ دِيْنَارٍ -يَعْنِي: الدَّوْلَةَ -فَلَمَّا رَجَعَ, مَاتَ بِالكُوْفَةِ -رَحِمَهُ اللهُ-. نَقَلَ هَذَا كُلَّهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ", عَنِ الوَاقِدِيِّ، وَالوَاقِدِيُّ، وَإِنْ كَانَ لاَ نِزَاعَ فِي ضَعْفِهِ- فَهُوَ صَادِقُ اللِّسَانِ, كَبِيْرُ القَدْرِ.
وَفِي "مُسْنَدِ" الشَّافِعِيِّ سَمَاعُنَا: أَخْبَرَنِي أَبُو حَنِيْفَةَ بنُ سِمَاكٍ, حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ, عَنِ المَقْبُرِيِّ, عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيْلٌ, فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِنْ أَحَبَّ أَخَذَ العَقْلَ، وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ القَوَدُ" 1.
قُلْتُ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: أَتَأْخُذُ بِهَذَا? فَضَرَبَ صَدْرِي، وَصَاحَ كَثِيْراً، وَنَالَ مِنِّي، وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ:، وَتَقُوْلُ تَأْخُذُ بِهِ؟!: نَعَمْ آخُذُ بِهِ، وَذَلِكَ الفَرْضُ عَلَيَّ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ. إِنَّ اللهَ اخْتَارَ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- مِنَ النَّاسِ فَهَدَاهُم بِهِ، وَعَلَى يَدَيْهِ, فَعَلَى الخَلْقِ أَنْ يَتَّبِعُوْهُ طَائِعِيْنَ أَوْ دَاخِرِيْنَ, لاَ مَخْرَجَ لِمُسْلِمٍ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: بَلَغَ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ مَالِكاً لَمْ يَأْخُذْ بِحَدِيْثِ: "البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ" 2 فَقَالَ: يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَوْرَعُ، وأقول بالحق من مالك.