حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَشَبَابَةُ بنُ سَوَّارٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَوَكِيْعٌ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَابْنُ، وهب، والمقرىء، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يُشَبَّهُ بِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ. فَقِيْلَ لأَحْمَدَ: خَلَّفَ مِثْلَهُ? قَالَ: لاَ. ثُمَّ قَالَ: كَانَ أَفْضَلَ من مالكإلَّا أَنَّ -مَالِكاً رَحِمَهُ اللهُ أَشَدُّ تَنْقِيَةً لِلرِّجَالِ مِنْهُ.
قُلْتُ:، وَهُوَ أَقدَمُ لُقْيَا لِلْكِبَارِ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّ مَالِكاً أَوسَعُ دَائِرَةً فِي العِلْمِ، وَالفُتْيَا، وَالحَدِيْثِ، وَالإِتقَانِ مِنْهُ بِكَثِيْرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ:، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ، وَكَانَ مِنْ أَورَعِ النَّاسِ، وَأَوْدَعِهِم، وَرُمِيَ بِالقَدَرِ، وَمَا كَانَ قَدَرِيّاً لقَدْ كَانَ يَتَّقِي قَوْلَهُم، وَيَعِيبُهُ.
وَلَكِنَّهُ كَانَ رَجُلاً كَرِيْماً يَجلِسُ إِلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ، وَيَغشَاهُ فَلاَ يَطرُدُهُ، وَلاَ يَقُوْلُ لَهُ شيئًا، وإن مرض عاده فكانوا يتهمون بِالقَدَرِ لِهَذَا، وَشِبْهِهِ.
قُلْتُ: كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَكْفَهِرَّ فِي، وُجُوْهِهِم، وَلَعَلَّهُ كَانَ حَسَنَ الظَّنِّ بِالنَّاسِ.
ثُمَّ قَالَ الوَاقِدِيُّ تِلْمِيْذُهُ:، وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أَجْمَعَ، وَيَجْتَهِدُ فِي العِبَادَةِ، وَلَوْ قِيْلَ لَهُ: إِنَّ القِيَامَةَ تَقُوْمُ غَداً مَا كَانَ فِيْهِ مَزِيْدٌ مِنَ الاجْتِهَادِ. أَخْبَرَنِي أَخُوْهُ قَالَ: كَانَ أَخِي يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً ثُمَّ سَرَدَ الصَّوْمَ، وَكَانَ شَدِيْدَ الحَالِ يَتَعَشَّى الخُبْزَ، وَالزَّيْتَ، وَلَهُ قَمِيْصٌ، وَطَيْلَسَانُ يَشْتُو فِيْهِ، وَيَصِيْفُ. قَالَ: وَكَانَ مِنْ رِجَالِ النَّاسِ صَرَامَةً، وَقَوْلاً بِالحَقِّ، وَكَانَ يَحفَظُ حَدِيْثَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ، وَكَانَ يَرُوحُ إِلَى الجُمُعُةِ بَاكِراً فَيُصَلِّي إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الإِمَامُ، وَرَأَيتُهُ يَأْتِي دَارَ أَجْدَادِهِ عِنْدَ الصَّفَا فَيَأْخُذُ كِرَاءهَا، وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَلَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ لَزِمَ بَيْتَه إِلَى أَنْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ، وَكَانَ أَمِيْرُ المَدِيْنَةِ الحَسَنُ بنُ زَيْدٍ يُجْرِي عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَنَانِيْرَ، وَقَدْ دَخَلَ مَرَّةً عَلَى، وَالِي المَدِيْنَةِ فَكَلَّمَه، وَهُوَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ المَنْصُوْرِ فَكَلَّمَه فِي شَيْءٍ فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ: إِنِّيْ لأَرَاكَ مُرَائِياً. فَأَخَذَ عُوْداً، وَقَالَ: مَنْ أُرَائِي? فَوَاللهِ لَلنَّاسُ عِنْدِي أَهَوْنُ مِنْ هَذَا.
وَلَمَّا، وَلِيَ المَدِيْنَةَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي ذئب بمئة دِيْنَارٍ فَاشْتَرَى مِنْهَا سَاجاً1 كُرْدِيّاً بِعَشْرَةِ دَنَانِيْرَ, فلبسه عمره، وقدم به عليهم بغداد.
فلم يزالوا به حتى قبل