1038- المَنْصُوْرُ 1:

الخَلِيْفَةُ, أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ. العَبَّاسِيُّ, المَنْصُوْرُ. وَأُمُّهُ: سَلاَّمَةُ البَرْبَرِيَّةُ.

وُلِدَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ, أَوْ نَحْوِهَا. ضَرَبَ فِي الآفَاقِ، وَرَأَى البِلاَدَ، وَطَلَبَ العِلْمَ. قِيْلَ: كَانَ فِي صِبَاهُ يُلَقَّبُ بِمُدْرِكِ التُّرَابِ.

وَكَانَ أَسْمَرَ, طَوِيْلاً, نَحِيْفاً, مَهِيْباً, خَفِيْفَ العَارِضَينِ, مُعَرَّقَ الوَجْهِ, رَحبَ الجَبهَةِ, كَأَنَّ عَيْنَيْهِ لِسَانَانِ نَاطقَانِ, تُخَالِطُه أُبَّهَةُ المُلْكِ بِزِيِّ النساك, تقبله القلوب، وتتعبه العُيُونُ أَقْنَى الأَنْفِ بَيِّنَ القَنَا يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.

وَكَانَ فَحْلَ بَنِي العَبَّاسِ هَيْبَةً، وَشَجَاعَةً، وَرَأْياً، وَحَزْماً، وَدَهَاءً، وَجَبَروتاً، وَكَانَ جَمَّاعاً لِلْمَالِ, حَرِيْصاً تَارِكاً لِلَّهْوِ، وَاللَّعِبِ, كَامِلَ العَقْلِ بَعِيْدَ الغَورِ حَسَنَ المُشَارِكَةِ فِي الفَقْهِ، وَالأَدبِ، وَالعِلْمِ.

أَبَادَ جَمَاعَةً كِبَاراً حَتَّى تَوطَّدَ لَهُ المُلْكُ، وَدَانتْ لَهُ الأُمَمُ عَلَى ظُلْمٍ فِيْهِ، وَقُوَّةِ نَفْسٍ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى صِحَّةِ إِسْلاَمٍ، وَتَدَيُّنٍ فِي الجُمْلَةِ، وَتَصَوُّنٍ، وَصَلاَةٍ، وَخَيْرٍ مَعَ فَصَاحَةٍ، وَبَلاَغَةٍ، وَجَلاَلَةٍ.، وَقَدْ، وَلِيَ بُلَيْدَةً مِنْ فَارِسٍ لِعَامِلِهَا سُلَيْمَانَ بنِ حَبِيْبِ بنِ المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ ثُمَّ عَزَلَهُ، وَضَرَبَهُ، وَصَادَرَه فَلَمَّا اسْتُخلِفَ قَتَلَهُ.، وَكَانَ يُلَقَّبُ: أَبَا الدَّوَانِيْقِ لِتَدْنِيقِه، وَمُحَاسَبَتِه الصناع لما أنشأ بغداد.

وَكَانَ يَبذُلُ الأَمْوَالَ فِي الكوَائِنِ المَخُوفَةِ، وَلاَ سِيَّمَا لَمَّا خَرَجَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمَ بِالبَصْرَةِ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعَالِبِيُّ: عَلَى شُهْرَةِ المَنْصُوْرِ بِالبُخْلِ, ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ: أَنَّهُ لَمْ يُعْطِ خَلِيْفَةٌ قَبْلَ المَنْصُوْرِ عَشْرَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ دَارَتْ بِهَا الصِّكَاكُ، وَثَبَتَتْ فِي الدَّوَاوِيْنِ فَإِنَّهُ أَعْطَى فِي يَوْمٍ، وَاحِدٍ كُلَّ، وَاحِدٍ مِنْ عُمُوْمَتِهِ عَشْرَةَ آلاَفِ أَلْفٍ، وَقِيْلَ: إِنَّهُ خَلَّفَ يَوْمَ مَوْتِهِ فِي بُيُوْتِ الأَمْوَالِ تِسْعَ مائة ألف ألف درهم، ونيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015