فَأَخَذَ يُفرِّكُ يَدَهُ, وَيُقَبِّلُهَا, وَيَخضعُ, وَأَبُو جَعْفَرٍ يَتنمَّرُ.
وَعَنْ مَسْرُوْرٍ الخَادِمِ, قَالَ: لَمَّا ردَّ أَبُو مُسْلِمٍ, أَمرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنْ يَرْكَبَ فِي خَوَاصِّ أَصْحَابِه, فَرَكِبَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ غُلاَمٍ, جُرْدٍ مُرْدٍ, عَلَيْهِم أَقْبِيَةُ الدِّيْبَاجِ وَالسُّيُوْفِ بِمَنَاطِقِ الذَّهَبِ. فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ عُمُوْمَتَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلُوْهُ, وكان قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُوْمتِهِ: صَالِحٌ, وَسُلَيْمَانُ, وَدَاوُدُ. فَلَمَّا أَنْ أَصحرَ سَايرَهُ صَالِحٌ بِجَنبِهِ, فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الغِلمَانِ, وَرَأَى شَيْئاً لَمْ يَعهدْ مِثْلَهُ فَأَنْشَأَ صَالِحٌ يَقُوْلُ:
سَيَأْتِيْكَ مَا أَفْنَى القرون التي مضت ... وما حل في أكناف عَادٍ وَجُرْهُمِ
وَمَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْكَ عِزّاً وَمَفْخراً ... وَأَقْيَدَ لِلْجَيْشِ اللُّهَامِ العَرَمْرَمِ
فَبَكَى أَبُو مُسْلِمٍ, وَلَمْ يَحِرْ جَوَاباً.
قَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ, وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَغَيْرُهُمَا: قُتِلَ فِي شَعْبَانَ, سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: وَعُمُرُهُ سَبْعَةٌ وثلاثين عَاماً.
وَلَمَّا قُتِلَ, خَرَجَ بِخُرَاسَانَ سُنْبَاذُ لِلطَّلبِ بثأر أبي مسلم, وكان سنباد مَجُوْسِيّاً, فَغلبَ عَلَى نَيْسَابُوْرَ وَالرَّيِّ وَظَفرَ بِخَزَائِنِ أَبِي مُسْلِمٍ, وَاسْتفحلَ أَمرُهُ. فَجهَّزَ المَنْصُوْرُ لِحَرْبِهِ جُمْهُوْرَ بنَ مَرَّارٍ العِجْلِيَّ, فِي عَشْرَةِ آلاَفِ فَارِسٍ, وَكَانَ المَصَافُّ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ, فَانْهَزَمَ سنباد, وَقُتِلَ مِنْ عَسْكَرِه نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ أَلْفاً وَعَامَّتُهم كَانُوا مِنْ أَهْلِ الجِبَالِ, فَسُبِيَتْ ذَرَارِيهِم ثم قتل سنباد بِأَرْضِ طَبَرِسْتَانَ.
أَنْبَأَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا فَرْقَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ محمد ابن سُلَيْمٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المَرْزُبَانِ بنِ مَنْجَوَيْه، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بن المقرىء حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ غُلاَمُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ سَمِعْتُ ابْنَ الأَنْبَارِيِّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى النَّحْوِيَّ سَمِعْتُ مَسْرُوْراً الخَادِمَ يَقُوْلُ لَمَّا اسْتردَّ المَنْصُوْرُ أَبَا مُسْلِمٍ مِنْ حُلْوَانَ أَمرَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ فِي خَوَاصِّ غِلمَانِهِ فَانْصَرَفَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ غُلاَمٍ جُرْدٍ مُرْدٍ عَلَيْهِم أَقْبِيَةُ الدِّيْبَاجِ وَالسُّيُوْفِ وَمَنَاطِقُ الذَّهَبِ فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ عُمُوْمتَه أَنْ يَسْتَقبِلُوْهُ وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُوْمتِهِ يَوْمَئِذٍ صَالِحٌ وَسُلَيْمَانُ وَدَاوُدُ. فَلَمَّا أَنْ أَصحرُوا, سَايرَهُ صَالِحٌ بِجَنبِهِ, فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الغِلمَانِ, فَرَأَى شَيْئاً لَمْ يَعهَدْ مِثْلَهُ, فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ: