يَشُكُّ أَخُوْكَ فِي الخُلُوْدِ، وَوَاللهِ مَا بُعِثَ المختار داعيًا ولا ناصرًا، ولهو -كَانَ- أَشَدُّ إِلَيْهِ انْقِطَاعاً مِنْهُ إِلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ كَذَّاباً، فَطَالَمَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، وَمَا عِنْدِي خِلاَفٌ مَا أَقَمْتُ، فِي جِوَارِهِ وَلَوْ كَانَ, لَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُوْنِي, وَلَكِنْ هَا هُنَا لأَخِيْكَ قِرْنٌ وَكِلاَهُمَا يُقَاتِلاَنِ عَلَى الدُّنْيَا عَبْدُ المَلِكِ فَلَكَأَنَّكَ بِجُيُوْشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيْكَ وَإِنِّي لأَحْسَبُ "أَنَّ" جِوَارَهُ خَيْرٌ مِنْ جِوَارِكُمْ, وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قِبَلَهُ وَيَدْعُوْنِي إِلَيْهِ قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: أَسْتخِيْرُ اللهَ وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَاحِبِكَ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ: وَاللهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. فَقَالَ: وَعَلَى مَاذَا؟ رَجُلٌ جَاءَ بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيْهِ, وَأَنْتُم تَعْلَمُوْنَ أَنَّ رَأْيِيَ لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ سِوَى إِنْسَانٍ لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ, وَأَخْبَرَ أَخَاهُ, وَقَالَ: مَا أَرَى لَكَ أَنْ تَعْرِضَ لَهُ, دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ, فَعَبْدُ المَلِكِ أَمَامَهُ, لاَ يَتْرُكُهُ يَحُلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ, وَهُوَ فَلاَ يُبَايِعُهُ أَبَداً حَتَّى يُجْمِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ.

أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سِرْنَا مَعَ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَكَانَ عَبْدُ المَلِكِ قَدْ كَتَبَ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ, حَتَّى يَتَّفِقَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ, فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدِ اللهِ وَمِيْثَاقِهِ ... -فِي كَلاَمٍ طَوِيْلٍ- فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ آلاَفٍ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي فَفَعَلَ فَقَامَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللهُ وَلِيُّ الأُمُوْرِ كُلِّهَا وَحَاكِمُهَا, مَا شَاءَ اللهُ كَانَ, وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, ليعودن فيه الأمر كما بدأ, الحمد الله الَّذِي حَقَنَ دِمَاءكُم وَأَحْرَزَ دِيْنَكُم مَنْ أَحَبَّ منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمِناً مَحْفُوْظاً, فَلْيَفْعَلْ, كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيْبٌ عَجِلْتُم بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُوْلِهِ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, إِنَّ فِي أَصْلاَبِكُم لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ, مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخِرٌ. قَالَ: فَبَقِيَ فِي تِسْعِ مائَةٍ, فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْياً فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنَّ نَدْخُلَ الحَرَمَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ, فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيْدُ قِتَالاً وَرَجَعْتُ كَذَلِكَ دَعْنَا نَدْخُلْ فَلْنَقْضِ نُسُكَنَا, ثُمَّ لْنَخْرُجْ عَنْكَ, فَأَبَى قَالَ: وَمَعَنَا البُدْنَ مُقَلَّدَةً, فَرَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ, فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الحَجَّاجُ, وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ, ثُمَّ سَارَ إِلَى العِرَاقِ, فَلَمَّا سَارَ, مَضَيْنَا, فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا, وَقَدْ رَأَيْتُ القَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ, فَمَكَثَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ إِسْنَادُهَا ثَابِتٌ.

الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ, عَنْ زَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ, قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبَانٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ وَعِنْدَهُ ابْنُ الحنيفة فَدَعَا عَبْدُ المَلِكِ بِسَيْفِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015