فَقَالَ: أَنَا أَرْجِعُ! قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ، وَهَؤُلاَءِ أَهْلُ خِلاَفٍ. قُلْتُ: إِنَّ خَيْراً لَكَ الكَفُّ. قَالَ أَفْعَلُ. ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الحَرُوْرِيَّ, فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ, وَعِكْرِمَةُ عِنْدَهُ, فَقُلْتُ: اسْتَأذِنْ لِي عَلَيْهِ قَالَ فَدَخَلَ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ، فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ، وَكَلَّمْتُهُ فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَداً بِقِتَالٍ, فَلاَ قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلِيْنِ لاَ يُرِيْدَانِ قِتَالَكَ ثُمَّ جِئْتُ شِيْعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ فَكَلَّمْتُهُم فَقَالُوا: لاَ نُقَاتِلُ فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ. وَوَقَفْتُ تِلْكَ العَشِيَّةَ إِلَى جَنْبِهِ فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيْدٍ ادْفَعْ فَدَفَعْتُ مَعَهُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ إِلَى بِيْعَتِهِ، فَأَبَى، فَحَصَرَهُ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ، وَتَوَعَّدَهُمْ حَتَّى بَعَثَ المُخْتَارُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيَّ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ سَنَةَ سِتٍّ فَأَقَامُوا مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ المُخْتَارُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وستين.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ. وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: كَانَ المُخْتَارُ أَشدَّ شَيْءٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ ثُمَّ ظَلَمَهُ وجعل يعظم ابن الحنفية ويدعوا إِلَيْهِ فَيُبَايِعُوْنَهُ سِرّاً فَشَكَّ قَوْمٌ وَقَالُوا أَعْطَيْنَا هَذَا عُهُوْدَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُوْلُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَهُوَ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيْدٍ فَشَخَصَ إِلَيْهِ قَوْمٌ فَأَعْلَمُوْهُ أَمْرَ المُخْتَارِ فَقَالَ نَحْنُ قَوْمٌ حَيْثُ تَرَوْنَ مَحْبُوْسُوْنَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ يَشَاءُ فَاحْذَرُوا الكَذَّابِيْنَ قَالَ وَكَتَبَ المُخْتَارُ كِتَاباً عَلَى لِسَانِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ وَجَاءهُ يَسْتَأْذِنُ وَقِيْلَ المُخْتَارُ أَمِيْنُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُوْلُهُمْ فَأَذِنَ لَهُ وَرحَّبَ بِهِ فَتَكَلَّمَ المُخْتَارُ وَكَانَ مُفَوَّهاً ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللهُ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ رُكِبَ مِنْهُم مَا قَدْ عَلِمْتَ وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ المَهْدِيُّ كِتَاباً وَهَؤُلاَءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ وَرَأَيْنَاهُ حِيْنَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ فَقَرَأَهُ إِبْرَاهِيْمُ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيْبُ قَدْ أُمِرْنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ ثُمَّ كَانَ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي الصُّدُوْرِ وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتَنَكَّرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَجَعَلَ أَمْرُ المُخْتَارِ يَغْلُظُ وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ فَقَتَلَهُمْ وَجْهَّزَ ابْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَظَفِرَ بِهِ ابْنُ الأَشْتَرِ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى المُخْتَارِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، فَدَعَتْ بَنُوْ هَاشِمٍ لِلْمُخْتَارِ وَكَانَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ لاَ يُحِبُّ كثيرًا مما يأتي به وكتب المختار، إِلَيْهِ لِمُحَمَّدٍ المَهْدِيِّ مِنَ المُخْتَارِ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ.
أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ زِيَادٍ عَنِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ قَالَ لَقِيْتُ رَجُلاً مِنْ