القَاسِمِ، يَا أَبَا القَاسِمِ. فَرَجَعْتُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ- يَعْنِي: لَمَّا أَخَذَ يَوْمَ الدَّارِ مَرْوَانَ، فَدَغَتَهُ1 بِرِدَائِهِ- قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ يَوْمئِذٍ وَلِي ذُؤَابَةٌ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعَ الزُهْرِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: مَا بَالُ أَبِيْكَ كَانَ يَرْمِي بِكَ فِي مَرَامٍ لاَ يَرْمِي فِيْهَا الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ؟ قَالَ؟ لأَنَّهُمَا كَانَا خَدَّيْهُ, وَكُنْتُ يَدَهُ, فَكَانَ يَتَوَقَّى بِيَدَيْهِ عَنْ خَدَّيْهِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَيَانٍ, أَنْبَأَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ, أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ, حَدَّثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ, حَدَّثَنَا ابن مبارك, عَنِ الحَسَنِ بنِ عَمْرٍو, عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ, عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ, قَالَ: لَيْسَ بِحَكِيْمٍ مَنْ لَمْ يُعَاشِرْ بِالمَعْرُوْفِ مَنْ لاَ يَجِدُ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ بُدّاً حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ مِنْ أَمْرِهِ فَرَجاً أَوْ قَالَ: مَخْرَجاً.
وَعَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ لِلدُّنْيَا عِنْدَهٌ قَدْرٌ وَعَنْهُ: أَنَّ اللهَ جَعَلَ الجَنَّةَ ثَمَناً لأَنْفُسِكُم فَلاَ تَبِيْعُوْهَا بِغَيْرِهَا.
وَرَوَى الوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، كَانَ بِهَا الحُسَيْنُ، وَابْنُ الحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَخَرَجَ الحسين وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ, وَأَقَامَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ, فَلَمَّا سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشِ مُسْرفٍ زَمَنَ الحَرَّةِ, رَحَلَ إِلَى مَكَّةَ, وَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا مَاتَ يَزِيْدُ, بُوْيِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ, فَدَعَاهُمَا إِلَى بَيْعَتِهِ, فَقَالاَ: لاَ, حَتَّى تَجْتَمِعَ لَكَ البِلاَدُ فَكَانَ مَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا وَمَرَّةً يَلِيْنُ لَهُمَا, ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا, وَوَقَعَ بَيْنَهُم حَتَّى خَافَاهُ, وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ فَأَسَاءَ جِوَارَهُم, وَحَصَرَهُم وَقَصَدَ مُحَمَّداً, فَأَظْهَرَ شَتْمَهُ وَعَيْبَهُ, وَأَمَرَهُم وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُم, وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ, وَقَالَ فِيْمَا يَقُوْلُ: وَاللهِ لَتُبَايِعُنَّ, أَوْ لأُحَرِّقَنَّكُم, فَخَافُوا.
قَالَ سُلَيْمٌ أَبُو عَامِرٍ: فَرَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ مَحْبُوْساً فِي زَمْزَمَ، وَالنَّاسُ يُمْنَعُوْنَ مِنَ الدُّخُوْلِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: دَعَانِي إِلَى البَيْعَةِ, فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا مِنَ المُسْلِمِيْنَ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ, فَأَنَا كَأَحَدِهِم, فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي, فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَقُلْ: مَا تَرَى؟ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, وَهُوَ ذَاهِبُ البَصَرِ, فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنْصَارِيٌّ قَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ عَدُوِّنَا. قُلْتُ: لاَ تَخَفْ أَنَا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ. قَالَ: هَاتِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: قُلْ له لا تطعه ولا نعمة عين