نَاتِئَ الوَجْنَةِ بَاخِقَ العَيْنِ، خَفِيْفَ العَارِضَيْنِ، أَحْنَفَ الرِّجْلَيْنِ، فَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ، جَلاَ عَنْ نَفْسِهِ.

الصعل: صغر الرأس، والبخق: وانخساف العَيْنِ، وَالحَنَفُ: أَنْ تُفْتَلَ كُلُّ رِجْلٍ عَلَى صاحبتها.

وَقِيْلَ كَانَ مُلْتَصِقَ الأَلْيَةِ فَشُقَّ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: الأَحْنَفُ: الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ.

عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنْ خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَالخُلَفَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ الكَلاَمَ مِنْ مَخْلُوْقٍ أَفْخَمَ وَلاَ أَحْسَنَ مِنْ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ.

وَعَنْهُ: لاَ يَتِمُّ أَمْرُ السُّلْطَانِ إلَّا بِالوُزَرَاءِ وَالأَعْوَانِ, وَلاَ يَنْفَعُ الوُزَرَاءُ والأعوانإلَّا بِالمَوَدَّةِ وَالنَّصِيْحَةِ, وَلاَ تَنْفَعُ المَوَدَّةُ وَالنَّصِيْحَةُ إلَّا بِالرَّأْيِ وَالعِفَّةِ.

قِيْلَ: كَانَ زِيَادٌ مُعَظِّماً لِلأَحْنَفِ، فَلَمَّا وُلِّيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللهِ، تَغَيَّرَ أَمْرُ الأَحْنَفِ، وَقَدَّمَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ دُوْنَهُ, ثُمَّ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي الأَشْرَافِ, فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللهِ: أَدْخِلْهُم عَلَيَّ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِم. فَأَخَّرَ الأَحْنَفُ, فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ, أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ سِيَادَتِهِ, وَقَالَ: إِلَيَّ يَا أَبَا بَحْرٍ. وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ, وَأَعْرَضَ عَنْهُم, فَأَخَذُوا فِي شُكْرِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ, وَسَكَتَ الأَحْنَفُ. فَقَالَ لَهُ: لِمَ لاَ تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُم. قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللهِ. فَلَمَّا خَرَجُوا, كَانَ فِيْهِم مَنْ يَرُوْمُ الإِمَارَةَ ثُمَّ أَتَوْا مُعَاوِيَةَ بَعْد ثَلاَثٍ وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصاً وَتَنَازَعُوا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُوْلُ يَا أَبَا بَحْرٍ؟ قَالَ: إِنْ وَلَّيْتَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ لَمْ تَجِدْ مِثْلَ عُبَيْدِ اللهِ فَقَالَ: قَدْ أَعَدُّتُهُ قَالَ: فَخَلاَ مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللهِ, وَقَالَ: كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ؟ فَلَمَّا رَجَعَ عُبَيْدُ اللهِ جَعَلَ الأَحْنَفَ صَاحِبَ سِرِّهِ.

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ المِصْرِيُّ الفَقِيْهُ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ المَعَافِرِيِّ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُمَارَةَ بنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَضَرْتُ جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بالكوفة فَكُنْتُ فِيْمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مَدَّ بَصَرِي فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ.

قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: تُوُفِّيَ الأَحْنَفُ فِي دَارِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي غَضَنْفَرٍ, فَلَمَّا دُلِّيَ في حفرته أقبلت بنت لأوس والسعدي وَهِيَ عَلَى رَاحِلَتِهَا عَجُوْزٌ, فَوَقَفَتْ عَلَيْهِ, وَقَالَتْ: مَنِ المُوَافَى بِهِ حُفْرَتَهُ لِوَقْتِ حِمَامِهِ؟ قِيْلَ لَهَا: الأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ. قَالَتْ: وَاللهِ لَئِنْ كُنْتُم سَبَقْتُمُوْنَا إِلَى الاسْتِمْتَاعِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ, لاَ تَسْبِقُوْنَا إِلَى الثَّنَاءِ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. ثُمَّ قَالَتْ: للهِ دَرُّكَ مِنْ مِجَنٍّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015