فَأَتَى الخَضْرَاءَ، وَأَتَى النَّاسُ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ, فَخَرَجَ, وَقَدْ تَغَسَّلَ, وَلَبِسَ ثِيَاباً نَقِيَّةً, فَصَلَّى, وَجَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ, وَخَطَبَ, وَقَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ يُغْزِيْكُمُ البَحْرَ، وَلَسْتُ حَامِلَكُم فِي البَحْرِ, وَإِنَّهُ كَانَ يُشْتِيْكُم بِأَرْضِ الرُّوْمِ, فَلَسْتُ أُشْتِي المُسْلِمِيْنَ فِي أَرْضِ العَدُوِّ, وَكَانَ يُخْرِجُ العَطَاءَ أَثْلاَثاً, وَإِنِّي أَجْمَعُهُ لَكُم. فَافْتَرَقُوا, يُثْنُوْنَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ قَيْسٍ: سَمِعَ يَزِيْدَ يَقُوْلُ عَلَى المِنْبَرِ: إِنَّ اللهَ لاَ يُؤَاخِذُ عَامَّةً بِخَاصَّةٍ, إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مُنْكَرٌ فَلاَ يُغَيَّرُ, فَيُؤَاخِذُ الكُلَّ. وَقِيْلَ قَامَ إِلَيْهِ ابْنُ هَمَّامٍ, فَقَالَ: أَجَرَكَ اللهُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عَلَى الرَّزِيَّةِ, وَبَارَكَ لَكَ فِي العَطِيَّةِ, وَأَعَانَكَ عَلَى الرَّعِيَّةِ, فَقَدْ رُزِئْتَ عَظِيْماً وَأَعْطَيْتَ جَزِيْلاً فَاصْبِرْ, وَاشْكُرْ فَقَدْ أَصْبَحْتَ تَرْعَى الأُمَّةَ، وَاللهُ يَرْعَاكَ.
وَعَنْ زِيَادٍ الحَارِثِيِّ, قَالَ: سَقَانِي يَزِيْدُ شَرَاباً مَا ذُقْتُ مِثْلَهُ, فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, لَمْ أُسَلْسِلْ مِثْلَ هَذَا قَالَ هَذَا رُمَّانُ حُلْوَانَ بِعَسَلِ أَصْبَهَانَ, بِسُكَّرِ الأَهْوَازِ, بِزَبِيْبِ الطَّائِفِ, بِمَاءِ بَرَدَى.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مِسْمَعٍ, قَالَ: سَكِرَ يَزِيْدُ, فَقَامَ يَرْقُصُ, فَسَقَطَ عَلَى رَأْسِهِ, فَانْشَقَّ وَبَدَا دِمَاغُهُ.
قُلْتُ كَانَ قَوِيّاً, شُجَاعاً، ذَا رَأْيٍ, وَحَزْمٍ, وَفِطْنَةٍ, وَفَصَاحَةٍ، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ, وَكَانَ نَاصِبِيّاً1 فَظّاً غَلِيْظاً,
جَلْفاً, يتناول المسكر, ويفعل المنكر. افْتَتَحَ دَوْلَتَهُ بِمَقْتَلِ الشَّهِيْدِ الحُسَيْنِ, وَاخْتَتَمَهَا بِوَاقِعَةِ الحَرَّةِ فَمَقَتَهُ النَّاسُ وَلَمْ يُبَارَكْ فِي عُمُرِه. وَخَرَجَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ بَعْدَ الحُسَيْنِ: كَأَهْلِ المَدِيْنَةِ قَامُوا للهِ وَكَمِرْدَاسِ بنِ
أُدَيَّةَ الحَنْظَلِيِّ البَصْرِيِّ, وَنَافِعِ بنِ الأَزْرَقِ, وَطَوَّافِ بنِ مُعَلَّى السَّدُوْسِيِّ, وَابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ.
ابْنُ عَوْنٍ, عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ أَوْسٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّهُ ذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ [الصِّدِّيْقَ] فَقَالَ: أَصَبْتُمُ اسْمَهُ. ثُمَّ قَالَ: عُمَرُ الفَارُوْقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيْدٍ, أَصَبْتُمُ اسْمَهُ, ابْنُ عَفَّانَ ذُوْ النُّوْرَيْنِ قُتِلَ مَظْلُوْماً, مُعَاوِيَةُ وَابْنُهُ مَلَكَا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ, وَالسَّفَّاحُ, وَسَلاَمٌ, وَمَنْصُوْرٌ وَجَابِرٌ وَالمَهْدِيُّ, وَالأَمِيْنُ وَأَمِيْرُ العُصَبِ: كُلُّهُم مِنْ بَنِي كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ, كُلُّهُم صَالِحٌ, لاَ يُوْجَدُ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ: هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ.
وَرَوَى يَعْلَى بنُ عَطَاءٍ, عَنْ عَمِّهِ, قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو حِيْنَ بَعَثَهُ يَزِيْدُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لَهُ: إني أجد في الكتب: إنك سَتُعَنَّى وَنُعَنَّى, وَتَدَّعِي الخِلاَفَةَ وَلَسْتَ بِخَلِيْفَةٍ, وَإِنِّي أجد الخليفة يزيد.