المجلد الخامس
تابع شهداء أجندين واليرموك
بسم الله الرحمن الرحيم
ابن أبي سفيان بن حرب بن أمية، الخليفة، أبو خالد القرشي، الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. قَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَهُوَ فِي "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ"2
لَهُ عَلَى هَنَاتِهِ حَسَنَةٌ وَهِيَ غَزْوُ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، وَكَانَ أَمِيْرَ ذَلِكَ الجَيْشِ، وَفِيْهِم مِثْلُ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ.
عَقَدَ لَهُ أَبُوْهُ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ، فَتَسَلَّمَ المُلْكَ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتِّيْنَ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً فَكَانَتْ دَوْلَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِيْنَ وَلَمْ يُمْهِلْهُ اللهُ عَلَى فِعْلِهِ بِأَهْلِ المَدِيْنَةِ لَمَّا خَلَعُوْهُ فَقَامَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً, وَمَاتَ وَهُوَ أَبُو لَيْلَى مُعَاوِيَةُ عَاشَ: عِشْرِيْنَ سَنَةً وَكَانَ خَيْراً مِنْ أَبِيْهِ, وَبُوْيِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالحِجَازِ, وَالعِرَاقِ وَالمَشْرِقِ.
وَيَزِيْدُ مِمَّنْ لاَ نَسُبُّهُ وَلاَ نُحِبُّهُ, وَلَهُ نُظَرَاءُ مِنْ خُلَفَاءِ الدَّوْلَتَيْنِ, وَكَذَلِكَ فِي مُلُوْكِ النَّوَاحِي, بَلْ فِيْهِم مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَإِنَّمَا عَظُمَ الخَطْبُ لِكَوْنِهِ وَلِيَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَالعَهْدُ قَرِيْبٌ وَالصَّحَابَةُ مَوْجُوْدُوْنَ كَابْنِ عُمَرَ الَّذِي كَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ.
قِيْلَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ تَزَوَّجَ مَيْسُوْنَ بِنْتَ بَحْدَلٍ الكَلْبِيَّةَ, فَطَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِيَزِيْدَ فَرَأَتْ كَأَنَّ قَمَراً خَرَجَ مِنْهَا فَقِيْلَ تَلِدِيْنَ خَلِيْفَةً.
وَكَانَ يَزِيْدُ لَمَّا هَلَكَ أَبُوْهُ بِنَاحِيَةِ حِمْصَ فَتَلَقَّوْهُ إِلَى الثَّنِيَّةِ3، وَهُوَ بَيْنَ أَخْوَالِهِ عَلَى بُخْتِيٍّ4 لَيْسَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ وَلاَ سيف وكان ضخمًا كثير الشَّعْرِ شَدِيْدَ الأُدْمَةِ بِوَجْهِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ فَقَالَ النَّاسُ هَذَا الأَعْرَابِيُّ الَّذِي وَلِيَ أَمْرَ الأُمَّةِ فَدَخَلَ عَلَى بَابِ تُوْمَا وَسَارَ إِلَى بَابِ الصَّغِيْرِ فَنَزَلَ إِلَى قَبْرِ مُعَاوِيَةَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ، وَصَفَّنَا خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ أَرْبَعاً، ثُمَّ أُتِيَ بِبَغْلَةٍ،