مَزَّقَهُ، وَيُقَالُ: إِنَّ قَوْمَ لَيْلَى شَكَوُا المَجْنُوْنَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَأَهْدَرَ دَمَهُ، وترحَّل قَوْمُهَا بِهَا، فَجَاءَ وَبَقِيَ يتمرَّغ فِي المَحَلَّةِ، وَيَقُوْلُ:
أَيَا حَرَجَاتِ الحَيِّ حَيْثُ تحمَّلوا ... بِذِي سَلَم لاَ جادُّكنَّ ربيع
وخيَّماتك اللاَّتِي بمنعرَجِ اللِّوَى ... بَلِيْنَ بِلَىً لَمْ تَبْلَهُنَّ رُبُوْعُ
وَقِيْلَ: إِنَّ قَوْمَهُ حَجُّوا بِهِ لِيَزُوْرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَدْعُو, حَتَّى إِذَا كَانَ بمنَى سَمِعَ نِدَاءً يَا لَيْلَى، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَبَكَى أَبُوْهُ، فَأَفَاقَ يَقُوْلُ:
وداعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالخَيْفِ مِنْ مِنَىً ... فهيِّج أَطْرَابَ الفُؤَادِ وَلَمْ يَدْرِ
دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِراً كَانَ فِي صَدْرِي
وَجَزِعَتْ هِيَ لِفِرَاقِهِ وَضَنِيَتْ، وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَاهُ قَيَّدَهُ، فَبَقِيَ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِرَاعَيْهِ، وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ، فَأَطْلَقَهُ، فَهَامَ فِي الفَلاَةِ، فوجِدَ مَيْتاً فَاحْتَمَلُوْهُ إِلَى الحَيِّ وغسَّلوه وَدَفَنُوْهُ، وَكَثُرَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَالشَّبَابِ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ بُقُوْلِ الأَرْضِ، وَأَلِفَتْهُ الوَحْشُ، وَكَانَ يَكُوْنُ بِنَجْدٍ، فَسَاحَ حَتَّى حُدُوْدِ الشَّامِ.
وَشِعْرُهُ كَثِيْرٌ مِنْ أَرَقِّ شَيْءٍ وَأَعْذَبِهِ، وَكَانَ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ.