قيس بن الملوَّح, وَقِيْلَ: ابْنُ مُعَاذٍ، وَقِيْلَ: اسْمُهُ بَخْتَرِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ, مِنْ بَنِي عَامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ، وَقِيْلَ: مِنْ بَنِي كَعْبِ بنِ سَعْدٍ؛ الَّذِي قَتَلَهُ الحُبُّ فِي لَيْلَى بِنْتِ مَهْدِيٍّ العَامِرِيَّةِ.
سَمِعْنَا أَخْبَارَهُ تَأْلِيْفَ ابْنِ المرزُبَان.
وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ لَيْلَى وَالمَجْنُوْنَ، وَهَذَا دَفْعٌ بالصَّدر، فَمَا مَنْ لَمْ يَعْلَمْ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ، وَلاَ المُثْبِتُ كَالنَّافِي, لَكِنْ إِذَا كَانَ المُثْبِتُ لِشَيْءٍ شِبْهَ خُرَافَةٍ، وَالنَّافِي لَيْسَ غَرَضُهُ دَفْعُ الحَقِّ، فَهُنَا النَّافِي مُقَدَّمٌ، وَهُنَا تَقَعُ المُكَابَرَةُ، وتُسْكَب العَبْرَةُ.
فَقِيْلَ: إِنَّ المَجْنُوْنَ عَلِقَ لَيْلَى عَلاَقَةَ الصِّبَا، وَكَانَا يَرْعَيَانِ البَهْمَ2. ألَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ؟ وَمَا أَفْحَلَ شِعْرَهُ:
تَعَلَّقْتُ لَيْلَى وَهْيَ ذَاتُ ذُؤَابَةٍ ... وَلَمْ يَبْدُ لِلأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ
صَغِيْرَيْنِ نَرْعَى البَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى اليَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ البَهْمُ
وَعَلِقَتْهُ هِيَ أَيْضاً، وَوَقَعَ بِقَلْبِهَا.
وَهُوَ القَائِلُ:
أَظُنُّ هَوَاهَا تَارِكِي بِمَضَلَّةٍ ... مِنَ الأَرْضِ لاَ مَالٌ لَدَيَّ وَلاَ أَهْلُ
وَلاَ أَحَدٌ أَقْضِي إِلَيْهِ وَصِيَّتِي ... وَلاَ وَارِثٌ إلَّا المَطِيَّةُ وَالرَّحْلُ
مَحَا حُبُّها حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا ... وحلَّت مَكَاناً لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ
فَاشْتَدَّ شَغَفُهُ بِهَا حَتَّى وُسْوِسَ وَتُخُبِّلَ فِي عَقْلِهِ، فَقَالَ:
إِنِّي لأَجْلِسُ فِي النَّادِي أُحَدِّثُهُمْ ... فَأَسْتَفِيْقُ وَقَدْ غَالَتْنِيَ الغُوْلُ
يُهْوِي بِقَلْبِي حَدِيْثُ النَّفْسِ نَحْوَكُمُ ... حَتَّى يَقُوْلَ جَلِيْسِي: أَنْتَ مَخْبُوْلُ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تَزَايَدَ بِهِ الأَمْرُ حَتَّى فَقَدَ عَقْلَهُ، فَكَانَ لاَ يُؤْوِيْهِ رحل، ولا يعلوه ثوب إلَّا