بَيْنَ النَّاسِ ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً, فَكَتَب إِلَيْهِ الحَكَمُ: أُقْسِمُ بِاللهِ، لَوْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ رَتْقاً عَلَى عَبْدٍ، فَاتَّقَى اللهَ, يَجْعَلُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَخْرَجاً, وَالسَّلاَمُ. ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: اغْدُوا عَلَى فَيْئِكُمْ فَاقْسِمُوْهُ.
وَيُرْوَى أنَّ عُمَرَ نَظَرَ إِلَى الحَكَمِ بنِ عَمْرٍو وَقَدْ خضَّب بِصُفْرَةٍ, فَقَالَ: هَذَا خِضَابُ الإِيْمَانِ.
مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ أَبِي حَاجِبٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الحَكَمِ الغِفَارِيِّ؛ إِذْ جَاءهُ رَسُوْلُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَقُوْلُ: إِنَّكَ أَحَقُّ مَنْ أَعَانَنَا, قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ خَلِيْلِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِذَا كَانَ الأَمْرُ هَكَذَا اتَّخِذْ سَيْفاً مِنْ خَشَبٍ"1.
أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: بَعَثَ زِيَادٌ الحَكَمَ, فَأَصَابُوا غَنَائِمَ كَثِيْرَةً, فَكَتَبَ زِيَادٌ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أَمَرَ أَنْ تُصْطَفَى لَهُ الصَّفْرَاءُ وَالبَيْضَاءُ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنِّي وَجَدْتُ كِتَابَ اللهِ قَبْلَ كِتَابِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ. وَأَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى: أَنِ اغْدُوا على فيئكم, فقسَمَه بينهم.
فوجَّه مُعَاوِيَةُ مَنْ قَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ, فَمَاتَ فَدُفِنَ فِي قُيُوْدِهِ, وَقَالَ: إِنِّي مُخَاصِمٌ.
حمَّاد بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ وَيُوْنُسُ، عَنِ الحَسَنِ أنَّ زِيَاداً اسْتَعْمَلَ الحَكَمَ بنَ عَمْرٍو، فَلَقِيَهُ عِمرَانُ بنُ حُصَيْنٍ، فَقَالَ: أَمَا تَذْكُرَ أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لَمَّا بَلَغَهُ الَّذِي قَالَ لَهُ أَمِيْرُهُ: قَعْ فِي النَّارِ, فَقَامَ لِيَقَعَ فِيْهَا, فَأَدْرَكَهُ فَأَمْسَكَهُ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ وَقَعَ فِيْهَا لَدَخَلَ النَّارَ, لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوْقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ".
قَالَ الحَكَمُ: بَلَى قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أن أذكرك هذا الحديث2.