طِنْفِسَةٍ لَهُ وَهُوَ رَجُلٌ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الخَمْرُ فَإِنْ تَجِدَاهُ صَاحِياً تَجِدَا رَجُلاً عَرَبِيّاً فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا نَحْنُ بِشَيْخٍ كَبِيْرٍ أَسْوَدَ مِثْلَ البُغَاثِ1 عَلَى طِنْفِسَةٍ لَهُ وَهُوَ صَاحٍ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ عديٍّ فقال: بن لِعَدِيٍّ وَالله ابْنُ الخِيَارِ أَنْتَ? قَالَ: نَعَمْ ...

فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ نَاوَلْتُكَ أُمَّكَ السَّعْدِيَّةَ الَّتِي أَرْضَعَتْكَ بِذِي طُوَى وَهِيَ عَلَى بَعِيْرِهَا فَلَمَعَتْ لِي قَدَمَاكَ قُلْنَا إِنَّا أَتَيْنَا لِتُحَدِّثَنَا كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ قَالَ سَأُحَدِّثُكُمَا بِمَا حَدَّثْتُ بِهِ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنْتُ عَبْدَ جُبَيْرِ بنِ مُطْعَمٍ وَكَانَ عَمُّهُ طُعَيْمَةُ بنُ عَدِيٍّ قُتِلَ يَوْم بَدْرٍ فقال لي إن قتلت حمزة فَأَنْتَ حُرٌّ وَكُنْتُ صَاحِبَ حَرْبَةٍ أَرْمِي قَلَّمَا أُخْطِئُ بِهَا فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ فَلَمَّا الْتَقَوْا أَخَذْتُ حَرْبَتِي وَخَرَجْتُ أَنْظُرُ حَمْزَةَ حَتَّى رَأَيْتُهُ فِي عُرْضِ النَّاسِ مِثْلَ الجَمَلِ الأَوْرَقِ2 يَهُدُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ هَدّاً مَا يُلِيْقُ شَيْئاً فَوَاللهِ إِنِّي لأَتَهَيَّأُ لَهُ إِذْ تَقَدَّمَنِي إِلَيْهِ سِبَاعُ بنُ عَبْدِ العُزَّى الخُزَاعِيُّ فَلَمَّا رَآهُ حَمْزَةُ قال هلم إلي يابن مُقَطِّعَةِ البُظُوْرِ3 ثُمَّ ضَرَبَهُ حَمْزَةُ فَوَاللهِ لَكَأَنَّ مَا أَخْطَأَ رَأْسَهُ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً قَطُّ كَانَ أَسْرَعَ مِنْ سُقُوْطِ رَأْسِهِ فَهَزَزْتُ حَرْبَتِي حَتَّى إِذَا رَضِيْتُ عَنْهَا دَفَعْتُهَا عَلَيْهِ فَوَقَعَتْ فِي ثُنَّتِهِ4 حَتَّى خَرَجَتْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَوَقَعَ فَذَهَبَ لِيَنُوْءَ5 فَغُلِبَ فَتَرَكْتُهُ وَإِيَّاهَا حَتَّى إِذَا مَاتَ قُمْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُ حَرْبَتِي ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى العَسْكَرِ فَقَعَدْتُ فِيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لِي حَاجَةٌ بِغَيْرِهِ فَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ هَرَبْتُ إِلَى الطَّائِفِ فَلَمَّا خَرَجَ وَفْدُ الطَّائِفِ لِيُسْلِمُوا ضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَقُلْتُ أَلْحَقُ بِالشَّامِ أَوِ اليَمَنِ أَوْ بَعْضِ البِلاَدِ فَوَاللهِ إِنِّي لَفِي ذَلِكَ مِنْ هَمِّي إِذْ قَالَ رَجُلٌ وَاللهِ إِنْ يَقْتُلُ مُحَمَّدٌ أَحَداً دَخَلَ فِي دِيْنِهِ فخرجت حتى قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "وَحْشِيٌّ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: "اجْلِسْ فَحَدِّثْنِي كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ" فَحَدَّثْتُهُ كَمَا أُحَدِّثُكُمَا فَقَالَ: "وَيْحَكَ! غَيِّبْ عَنِّي وَجْهَكَ فَلاَ أَرَيَنَّكَ" فَكُنْتُ أَتَنَكَّبُ6 رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- حيث كان حتى قبض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015