وإن كان النابغة العثماني هو أديب سوس حقّا على الإطلاق؛ وإلا ما كان من الأديب الحاج مُحمد اليزيدي، فإن له تأثيرا كبيرا، غير أن أعماله اندمجت بين أعمال تلاميذه الإلغيين، أمَّا مُحمد بن عبد الله الإلغي المثقف بابن إبراهيم التَّامَانارتي؛ فإنه أسعد حظّا من كل من ذكرناهم من الرجال الأدباء في هذا الفريق الجشتيمي وغيرهم، فإنه أسس مدرسة وأتاه فيها السعد، فكانت كأنَّما تأسست معهدا أدبيّا فقط، فأدت في عهد مؤسسها ثم في عهد خلفه أبي الحسن علي بن عبد الله، ما كان لِهذه النهضة كتاج مرصع فوق هامتها.
حقّا نالت المدرسة الإلغية في الاعتناء بالأدب وتَجديد الأسلوب والانتقاد العلني، وكثرة المدروسات الأدبية، وتعدد ما يَجعلونه كشرط أساسي لِمن أراد أن يتعالى إلى سَماوات الأدب، مَا لَم يلحق فيه غُبارها غيرها، ولا شاهد على ذلك إلا العيان لأعمال لا تزال بيننا مَحسوسة إلى الآن آثارها الباقية، والنهار لا يَحتاج إلى دليل، فقد اعتنت بالأدب وتنوعت في التثقيف حتى اهتدت إلى الثقافة الأندلسية، فاتخذتها محورا خاصّا لأدبها؛ فلذلك يَجعل (نفح الطيب) هجيري كل متأدب إلغي، حتى أن منهم من يكاد يَحفظ غالب كل مُختاراته، وأمَّا استحضار الطرف من مُحتوياته من القصائد والرسائل والتراجم والنوادر والطرف الأدبية؛ فهو عند أكابرهم؛ كالحديث عند البخاري وابن معين، وليس على من يرتاب في هذا، ويُحمل هذا الحكم على الغلو إلا أن يلاقي أستاذينا: مولاي عبد الرحمن (البوزاكارتي) (?)، ومُحمد بن الطاهر، وصاحبنا أحمد اليزيدي، ومُحمد الحامدي وأمثالهم، فإنَّهم لا يزالون يرزقون إلى الآن (?).
خرجت المدرسة الإلغية كثيرين ينيفون على المائة، يندر فيهم من لَم يرم بسهم في الأدب، فضلا عن مَحبته وقدر قدره، فالشاعر الإفراني وأحمد بن صالِح (التَّانكرتي)، وأبو القاسم (التَّاجَارمُونتِي)، والطاهر، والبشير الناصريان، وابن الحسين بوكرع البعمراني، وأحمد بن سعيد الأجْمَاري، والْهَاشم القاضي الأقاوي، وإدريس (التَّاغاجِّيجتي)، ومُحمد، والطاهر، والْحَسن، والمدني الإلغيون، وشيخنا عبد الله بن مُحمد الصالِحي، وعلي بن صالِح الأفقيري، ومولاي عبد الرحمن (البوزاكارني)، وأحمد اليزيدي، ومُحمد بن الْحَاج (التُّوزونتِي)، ومُحمد الكثيري،