سوس العالمه (صفحة 55)

يدي مؤلفات فيه للسوسيين؛ كالمرغيتي، وابن الطيفور، وبعض الكراميين، والدفلاوي، ومنظومة للتامانارتي وغيرهم، وقلما يَخلو كتاب سوسي من جداول ترسم في باطن دفتيه، وكثيرا ما يكتبون بِها التمائم، وكان لشيخنا سيدي سعيد التناني يد طولى في هذا العلم، وكتبه تزخر بِجداوله، ولكنه ليس علما يدرس، ولا ذا شهرة في المحافل فيما أدركناه وعرفناه وقرأناه.

تلخيص:

تلك نظرات سريعة إلى العلوم التي يتعاطاها السوسيون، وقد عددناها أحدا وعشرين بالإجمال، وإلا فعند التفصيل تكون أكثر من ذلك، فلعلم الوضع عندهم رواج على حدة، ومِمن ألف فيه أخيرا ابن مسعود، وشيخنا الشاعر الكبير سيدي الطاهر بن مُحمد الإفراني.

وأمَّا علم الكيميا الذي يَهتم به السوسيون؛ فلم نَر له في سوس رواجا متسعا، ولا عرفنا لَهم عناية به خاصة، لا اليوم ولا قبل اليوم، إلا النادر، وما هو إلا علم ينتحله البلداء، فيتناجون به كما يتناجون باستخدام الأرواح والسحر، ولا نعلم عن ذلك كله علما مستقرا، وكل ما كان سرا مَحوطا بالكتمان، فليس بعلم، على أن هذا لا يتعاطى كمدروس من العلوم التي تصدينا لذكرها؛ ولِهذا لَم نتعرض له، فهذا علم تاريخ الأمم حين لَم يتخذ موضوع الدراسة، لَم نتعرض له، وإن كنا نعلم لسعيد الكرامي، ولعبد الله بن يعقوب، وولده يبورك، ولغيرهم مؤلفات فيه تذكر.

يرى القارئ من تلك العلوم أن ما يَجول في سوس هو كل ما يَجول في غيرها من نواحي المغرب، فإن زادت ثَمرات بعض الحواضر على سوس بشيء -وهي لا بد زائدة- فإنّما ذلك من طبيعة الحضر على البدو، والحضر تجبي إليه ثَمرات كل شيء، ويقدر فيه قدر الناس، ولكن مَجموع هذه الفنون وتعاطيها قلما تفوق فيها جوانب المغرب من غير سوس سوسا إلا تحلة القسم، فبهذا يَخرج القارئ من هذا الفصل، وهو مدرك أن سوسا دائما تسير في قافلة المغرب العلمي بعد القرون الأولى إلى التاسع، فإن لَم تتقدم قط؛ فإنها ما تأخرت قط، بِحسب ما تؤتاه من جهد المستطاع، ثُم يدرك القارئ أيضا مقدار ما تمد به فاس والْحَمراء سوسا في كل دور من أدوارها العلمية، فيجتهد سوس أن يتمشى على خطا المشيخة في فاس، وأن يكون خير تلميذ لأفضل أستاذ، كما يدرك أيضا أن هذه العلوم تبلغ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015