ربّما يَحيا بِهم الفن في سوس، والمستقبل كشاف، و (المقنع) لا يزال يروج إلى اليوم على قلة ما فيه من قواعد هذا العلم.
نرى هذا الفن يتعاطى منذ تعاطي العلوم من فجر النهضة العلمية بسوس، فنجد في غالب من يترجمون بالتفنن من علمائها ذكر هذا الفن من بين العلوم التي يتقنونَها؛ كمحمد بن مبارك التيوتي، والحاج عمرو بن يعزى السملالي، ومُحمد بن عبد الواسع الرسْموكي، وأحمد بن سليمان المزواري الرسْموكي، وكثير من غيرهم، كما رأينا أيضا بين مؤلفاتِهم جانبا لِهذا الفن؛ فلعبد الرحمن الجرادي البعقيلي فيه مؤلف في الرجز، شرحه يبورك السملالي، ثُم لَم يزل درسه طوال هذه القرون، من عهد المدارس الحضيكية والهوزيويَّة والجشتيمية، وقد أدركه ضعف منذ ولى الصدر الأول من القرن الماضي، فتقلص الاعتناء به إلا عند أفراد، وممن أدركناهم يعتنون به الأستاذان المحفوظ الأدوزي، وابن مسعود البونعماني الذي له على شروحه مباحثات، وكذلك الحسن بن أحمد السملالي، وأحمد بن إبراهيم الإجراري، وعبد الرحمن السالمي الإيسي، وأما سواهم من معاصريهم فقلما يلتفتون إليه.
للعلم الأدبي استدعاء لإتقان هذا الفن الذي تصفف طرر قوافيه على جبينه؛ ولذلك كان يزدهر بازدهار الأدب، ويَجدب بإجدابه، وهذا هو الواقع في هذا الفن بسوس، فقد كان في عهد النهضة الأدبية السوسية الأولى مدمجا في الدراسة العامة فتتناوله أقلام التأليف؛ فقد ألف فيه أبو فارس الرسْموكي، ثم أحمد بن سليمان الرسْموكي الفرضي، والحسن بن أحمد، وعلي بن أحمد الرسْموكي، ولغيرهم منظومة في الفن قصيرة، ثُم لَمَّا انتعش الأدب ثانيا في العهد الأخير رجع إليه كذلك الاعتناء، فيدرس بعضهم (الخزرجية) وبعضهم (الحمدونية) ومبدأ نَهضته الأخيرة من أوائل القرن الماضي، وكان معروفا بين المراكشيين الأستاذ اليزيد الروداني شيخنا العروضي، فإنه من تلاميذ تلك الطبقة، وفي الجيل الذي أدركناه بسوس يوجد الاعتناء بالأدب؛ كالمدرسة الجشتيمية والإلغية والأدوزية والبونعمانية، فقد ألف فيه ابن مسعود، ثم لَمَّا فتر دولاب التدريس اندمج في المجموع.