كانت هذه القديمة قديمة إلا أنَّها لَم تشتهر أخيرا إلا بسيدي إبراهيم الإسقَالِي المتوفى (1296هـ)، وبتلميذه الشيخ البركة سيدي الْحَاج الْحُسين الكَروبي ثُم أغلق بابُها بعدهما.
كانت هذه المدرسة صغيرة لا تكاد تُذكر، حتى استقر بِها الأستاذ أحْمَد الكَشْطِي المتوفى قريبا، فأدت بفضله واجبا عظيما اشتهرت به، ولا تزال تؤدي ذلك الواجب بعده على أيدي تلاميذه.
بنيت هذه المدرسة على يد الأستاذ يَحيى المتوفى (1205هـ)، والمدفون قريبا منها، وهو من أصحاب الحضيكي، وكانت له مكانة مكينة في عصره، فقام بالتعليم في تلك المدرسة، فحبس عليها أصحاب الحقول المسقية المستديرة بِها أعشار غللهم، فصارت تعمر دائما من أجل ذلك، وقد مر فيها عدة أساتذة بعد مؤسسها لكنها لَم تفز بالقِدح المعلى بالْجد في التدريس إلا في عهد الأستاذ الْحَاج مسعود الوفقاوي الإلغي الذي يكاد ينفرد في سوس بعد عام (1330هـ) بالإكباب على نفع الطلبة مؤنة وكسوة وغيرهما من ضروب الإعانة، مع حفز هِمهم للتعليم بنظام خاص، إلى أن توفي عام (1365هـ)، فكانت وفاته وفاة آخر الأساتذة السوسيين الذين تضرب بِهم الأمثال في الجد.
تلك خَمسون مدرسة اخترناها من بين نَحو المائتي المنبثة في نواحي القطر السوسي، وإنَّما اقتصرنا منها على هذه الخمسين؛ لأنَّها كافية في إعطاء القارئ نَماذج فقط لكل أنواع المدارس العتيقة هناك قدما وحدوثا واستدامة وانقطاعا، فلينتظر القارئ الكتاب الذي يَجمع هذا الموضوع فإن فيه شفاء الغليل؛ لأننا ربَّما ذكرنا هنا مدرسة وتركنا نظائرها أو أفضل منها؛ لأننا لا نقصد إلا أن ما يقصده مُمثلوا معامل المنسوجات عندما يعرضون منسوجاتِهم على البزازين، إذ يأتون من كل نوع من أنواع الثياب بنماذج صغيرة وبالله تعالى التوفيق.