ونقرأ من آثارها أيضا في فخرية أخرى:
أتحسب أني لا أجيد القوافيا ... وأني لا أبدي وإن جل ما بيا
ألا إن شعري ماؤه غير عائض ... فما لي لا أجري القوافي ما ليا
متى جال فكري في خيال تسابقت ... إلَي معان تستفز الرواسيا
وإن حام في جو الصفاء سمت به ... إلى الأوج آمال تناجي الدراريا
حماسي شعر لو تكتب جيشه ... لَحطم في قلبي الرزايا العواليا (?)
حقّا، كيف لا نبتهج ونتفاءل كثيرا بِهذه الألسن الجديدة، وبِهذه الروعة التي صارت تكسو شيئا فشيئا الأدب السوسي من جديد، فتقربه إلى الأدب العربي العام، الذي له اليوم في البلاغة والأساليب العليا مَجالات سامية منتهى السمو، وينتظر أن تعلو حتى تقدر أن تُماشي ذلك الأدب العربي العام قريبا إن شاء الله.
وبعد: فهذه نظرات عجلى ألقيناها على الأدب السوسي في كل أدواره التي تقلب فيها من أوائل القرن التاسع إلى الآن، ولا نرمي بكل ما قلناه إلا أن نُعلن وجود هذا الأدب غاية الإعلان؛ لأننا نرى كثيرين من أبناء المغرب نفسه -فضلا عن كل أبناء العروبة- لا يزالون يَجهلون كون الأدب العربي موجودا في هذه الزاوية المغربية، وأن له سِمة خاصة يَمتاز بِها في كل أدواره.
هذه غايتنا فقط، وأما دراسته حق الدراسة ووضعه في ميزان النقد؛ ليعلم مقدار أهميته في الابتكار، واختيار الأسلوب، وتَجويد المنحى وقلب ذلك ظهرا لبطن، حتى تنصع الحقائق، ويظهر ما وراء ذلك الأدب الطويل العهد، فإننا لا نقصده في هذه المقدمة، فندع ذلك لغيرنا، وإن كنا لا نَجهل أنه ربّما يفلت منا بعض ما يرمي إلى هذه الوجهة أحيانا من غير أن نتعمده، وشتان ما بين مشتغل بتاريخ الشيء، بإلقاء نظرات خاطفة على ألوانه، وبين مشتغل بدراسته الفنية، كما تقتضيه الدراسة الفنية من وضع الميزان القسط لكل شاذة وفاذة.
إننا سنهيئ إن شاء الله لِهذا الموضوع لِمن أراد أن يتخلل شعابه مستمدات كثيرة، نبذل فيها الآن جهودا غير قليلة، فلم ندع من مستطاعنا كل ما نقدر عليه فنحشر في كتبنا