(فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ)
أولا: لم يكن العقل البشرى بحاجة إلى التدليل على وجود الروح لأن حياة العاقل دليل على وجود الروح فيه ومن مات فقد صعدت روحه إلى خالقها هكذا بلا تفلسف ولا تدليل، لذلك لم يحاول الإمام الغزالي وهو يتكلم عن خلود الروح أن يتكلم عن أدلة وجودها.
أما الشيخ الرئيس ابن سينا فقد حاول أن يدلل على وجود الروح وأورد أدلة طويلة لإثباتها ولكن شأنها شأن أدلة اليونان الأخرى مجرد لعب بالكلمات يمكن لأي منكر لحقيقة الروح أن يقول عنها إنه أعاد الدعوة نفسها بكلمات أخرى.
وقد كتب ابن سينا قصيدته الشهيرة على الروح ومطلعها:
هبطت إليك من المحل الأرفع ... ورقاء ذات تعزز وتمنع
محجوبة عن كل مقلة عارف ... وهي التي سفرت ولم تتبرقع
وصلت على كره إليك وربما ... كرهت فراقك وهي ذات تفجع
حتى إذا قرب المسير عن الحمي ... ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع
وغدت مفارقة لكل مخلف ... عنها حليف الدرب غير مشيع
سمعت وقد كشف الغطاء فأبصرت ... ما ليس يدرك بالعيون الهجع
وتعود عالمة بكل حقيقة ... في العالمين فخرقها لم يرقع.