يقول الدكتور كاصر الزيدى: فالأرض الميتة الهامدة ينزل عليها الماء بأمر الله فإذا بها تستجيب لداعي الحياة فتنبت من الأصناف ما يبهج النفوس , فالماء والأرض يمثلان منظر الحياة المتجددة وسنة من سنن الله في الكون في إخراج شيء يسبب شيء، الماء كالرجل في علاقته بالأرض والأرض كالمرأة في استجابتها له وما ينبت منها أشبه بالنسل الذي يتولد من تزوج الرجل والمرأة وتشبيه الإحياء بالماء أيضا ليس بعيدا عن تكوين الإنسان الأول من التراب الذي لا حياة فيه ولكن القدرة الإلهي ة هى التي بثت فيه الحياة وخلقت فيه الروح فإذا هو بشر.

وهذه الصورة في إنبات النبات بالماء وطهوره متجدداً من طور إلى طور ليست بعيدة أيضاً عن نشوء الإنسان وتدرجه من نطفة إلى علقة إلى مضغة بقدرة الله ومشيئته هذه الصورة الحيَّة تدل على ما ورائها من القدرة المحركة لذلك كله ولقد ربط القرآن بين هذه الصورة الماثلة المتكررة وبين صورة أخرى في عالم الغيب وهى صورة البعث وإحياء الإنسان لملاقات ربه وما أعد له من ثواب أو عقاب قال تعالى: (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)

بقدر حاجة الإنسان إلى الماء يكون التهديد من الله بزواله له وقع على النفس عظيم.

لقد هدد الله سبحانه في القرآن بأمرين:

أولا: بزوال الماء وتغويره في الأرض.

ثانيا: بجعل غذبه ملح أجاجا ً فتفسد حياة الناس قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ)

إن نعم الحياة مرتبطة بالمنعم: وهذا التهديد يجعل الإنسان العاقل دائم الرجاء لله دائم الحرص على رضاه فالمعاصي تزيل النعم.

قال الزمخشرى: (عَلَى ذَهَابٍ بِهِ) لمن أوقع النكرات وأحزها للمفصل والمعنى على وجه من وجوه الذهاب به وطريق من طرقه وفيه إذان باقتدار الله وأنه لا يتعالى عليه شيء إذا أراده وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015