ونجد من هذا التوجيه للمعنى في داخل السورة أن قوله تعالى فيها: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ((?)) ، يتوجه نحو تقرير موضوع جديد في النفوس بواسطة ابراز مآل رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) ، وهي آية طالما آثارت عند المفسرين نقاشات لإبراز المعاني الأولى، والمعاني الثانية، لا بل والمعنى الكامن في سياق النص، فقال ابن قتيبة: " معاد الرجل بلده، لانه يتصرف في البلاد، ثُمَّ يعود إليه. وفي الآية تقديم وتاخير، والمعنى أن الذي فرض عليك القرآن، أي: جعلك نبياً، ينزل عليك القرآن، وما كنت ترجو قبل ذلك أن تكون نبياً يوحى اليك الكتاب، لرادك إلى مكة ظاهراً
قاهراً " ((?)) .
وهو تأويل معنوي يشعر بإحساس ابن قتيبة بتحليل المضمون بدلالة الفظ، بينما يقرر مفسر من المحدثين في توجيهه للمعنى أنه: " اختلفت الآراء في هذا المعاد الذي تقرره الآية الكريمة، فقال قوم: أي إلى وطنك مكة.
وقال قوم: أي إلى يوم القيامة.
وعزز الرأي الاول ما تلاها من قوله تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى} ((?)) ، فإن السياق مشعر بالرأي الاول " ((?)) .