ومن قبل تنبه القدماء لذلك، فقال ابن جماعة المقدسي: " وقد تضمنت سورة القصص جماع قصة موسى ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ، وجاءت القصة في موضعها ناصعة كالشمس في رابعة السماء، ثم بعد ذلك أثنى الله جل جلاله على نفسه وعدد على رسوله (- صلى الله عليه وسلم -) نعمه حتَّى انتهاء السورة " ((?)) .
ويزيد هذا النص المهم وضوحاً ما ذكره بعض الباحثين المحدثين، إذ قال: " والمتتبع لما احتجنته سورة القصص يجد جانباً من جوانب إبراز النص المكرر بصيغة لا تشعر بتكراره، ولم يأت ذلك إلا في كلام الله تعالى، فقصة نبي الله موسى (- صلى الله عليه وسلم -) متفرقة في عدة آيات، إلا أن صيغتها الإلهية في سورة القصص تجعلها من الروعة بمكان، ثم إن وجه الإعجاز يظهر بعد ذلك في المقارنة القرآنية بين فرعون وجنوده وقريش وأظن ظناً يقرب من اليقين أن خواتيم سورة القصص التي احتوت على قصة قارون، هي إشارة لقريش وعظماء أغنياء رجالها بأنهم إن لم يسلموا ويؤمنوا ويتقوا، فإنهم سيواجهون الخسف ـ مصير قارون ـ وفي ذلك ما يدلنا على الرابط المعنوي لأوائل السور بنهاياتها، وما فيها من إشارات" ((?)) .