أحدهما ـ قال ابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَما ـ: لم يسكنها إلا المسافر ومار الطريق يوماً أو ساعة.
ثانياً ـ يحتمل أن شؤم معاصي المهلكين بقى أثرها في ديارهم فكل من سكنها من أعقابهم لم يبق فيها إلا قليلاً فتهلكه كما أهلكت من قبله " ((?)) . {وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} " لهم إذ لم يخلفهم أحد يتصرف تصرفهم في ديارهم، وسائر ما يتصرف فيه، والشيء إذا لم يبق له مالك معين. قيل: إنه ميراث الله هو الباقي بعد خلقه " ((?)) .
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ}
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى} قال أبو السعود: " بيان للعناية الربانية إثر بيان إهلاك القرى المذكورة، أي: وما صحّ، وما استقام، بل يستحال في سنته المبنية على الحكم البالغة، أو ما كان في حكمه الماضي وقضائه السابق أن يهلك القرى قبل الإنذار، بل كانت عادته أن لا يهلكها {حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً} " ((?)) .
{فِي أُمِّهَا} قال الماوردي فيه ثلاثة أوجه:
أحدهما ـ أوائلها، قاله الحسن.
الثاني ـ في معظم القرى من سائر الدنيا، حكاه ابن عيسى.
الثالث ـ إن أم القرى مكة، قاله قتادة " ((?)) .
وقال الخازن: " في أكبرها وأعظمها رسولاً ينذرهم، وخصّ الأم ببعثه الرسول لأنه يبعث إلى الأشراف وهم سكان المدن. وقيل: حتَّى يبعث في أم القرى وهي مكة رسولاً يعني مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) لأنه خاتم الأنبياء " ((?)) .
والذي أرجحه أن المقصود هو أم القرى بدلاله السياق.