تمهيد هل يمكن تغيير الأخلاق أو لا؟
وبعد أن استبانت لنا بعض المعالم لسوء الخلق يحسن الوقوف ههنا حول سؤال يرد كثيرا مفاده: هل يمكن تغيير الأخلاق أم لا؟
والجواب عن ذلك قد اختلف فيه؛ فهناك من يرى أن الأخلاق ثابتة في الإنسان لا يمكن أن تتغير؛ لأنها غرائز فطر عليها، وطبائع جبل على التحلي بها؛ فلا يمكنه تغييرها، ولا يتصور فكاكه عنها.
وهناك من يرى أن تغيير الأخلاق وارد ممكن؛ فليس متعذا ولا مستحيلا، خلافا لمن رأى غير ذلك.
والرأي الثاني هو الصواب المقطوع فيه؛ ذلك أن الأخلاق على ضربين، فمنها ما هو غريزي فطري جبلي، ومنها ما هو اكتسابي يأتي بالدربة، والممارسة، والرياضة، والمجاهدة.
ولو كانت الأخلاق لا تتغير لبطلت الوصايا، والمواعظ، والتأديبات.
بل كيف ينكر هذا وتغيير خلق الحيوان البهيم ممكن؟ إذ أن البازي ينقل من الاستيحاش إلى الأنس، والكلب من شره الأكل إلى التأدب والإمساك عن التخلية، والفرس من الجماح إلى السلاسة والانقياد.
وكل ذلك تغيير في الأخلاق.