حقيقته فإن ينابيع الرحمة تنبع وتتفجر منه كذلك عيون العطف، فتسقي القلوب العطشى التي هي في حاجة إلى من يسقيها بماء الرحمة والحياة، لا ذلك الاضطهاد والقهر الذي جاءت به الاشتراكية الماركسية وزرعته في بعض الأوطان الإسلامية التي اختارته وفضلته على التشريع الرباني فأفسدت به القلوب وتركتها متنافرة متباغضة، فسلبت الناس أموالهم لتثرى بها (أذنابها) وتبني بها القصور - كما هو مشاهد - وتعيش بها عيشة البذخ والترف، في حين يعيش فيه أرباب تلك الأموال عيشة التعاسة والحرمان، فما أعدل التشريع الإسلامي وما أحكمه، فإنه لم يظلم أحدا، ولم يمتهن فقيرا، ولا أغضب غنيا، ولم يعط أحدا ما لا يستحقه ولا يقدر عليه.
فلو فعل كل ذوي الثراء والمال من المسلمين ما فرضه الله عليهم، فأخرجوا زكوات أموالهم وجمعت - كما هو المطلوب منهم - سواء في بيت مال المسلمين - إذا كانت الدولة إسلامية - عملا وتطبيقا - أو في مؤسسة خاصة بها، وتولاها أناس مسلمون - حقيقة - أمناء عليها يوزعونها بين الفقراء والمساكين في جميع أوقات الحاجة إليها - لما رأينا سائلا يسأل المارة في الطرقات، وأمام أعين غير المسلمين، وفى هذا خدش لكرامة الإنسان، ومهانة لسكان الوطن الإسلامي، فهذا أليق من أن يتولاها ويتولى توزيعها من وجبت عليه مباشرة منه إلى الفقير، فمهما يكن حريصا على إخراجها وأدائها الا أنه قد لا يصادف بها من يستحقها ومن هو في أشد الحاجة اليها، فيتلقفها منه من ليس هو من أهلها، دفعه إلى أخذها