ففطرته لم تبدل ولم تغير، لهذا توصل بها إلى توحيد الله وأنكر ما كان عليه قومه من صغره، كما قال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}. الآية 83 من سورة الأنعام.
هذه هي الفطرة التي فطر الخالق الخلق عليها، خلقهم ليكونوا مؤمنين به، بأنه إله واحد لا شريك له، وكل خلقه محتاجون إليه وهو غني عنهم، فإذا لم يقروا له بالوحدانية، وإذا لم يتبعوا شرعه الذي جاءهم من عند خالقهم بواسطة رسله إليهم، إذا لم يكن منهم هذا فقد نقضوا عهدهم الذي أخذه منهم خالقهم وهم كالدر في أصلاب آبائهم، واتبعوا الشياطين التي أضلتهم واجتالتهم عن دينهم الحق، وهذا ما تشير إليه الآية السابقة - آية سورة الأعراف - وهي قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} (?).
فقد ذكر الله فيها ما أخذه من العهد والميثاق على ذرية آدم وهم في أصلاب آبائهم، وقد بينت كتب السنة كيف تم أخذ هذا العهد والميثاق من ذرية آدم، على أن يكونوا مؤمنين به موحدين له لا يشركون به شيئا يعبدونه، فلا يعبدون غيره، فإذا أشركوا معه غيره، وعبدوا سواه وأطاعوا الشياطين وعصوا ربهم وخالقهم فقد هلكوا وضلوا.