الدين وأهله، إلى أن يأتي زمان يشتد فيه ساعد الدين والعقيدة فتكون الغلبة له، وهكذا الحال في كل زمان ومكان.
وقد رغب الإسلام فيه، وحبب إلى أتباعه القيام بهذا الفرض الكفائي الذي لا يستقيم أمر المسلمين ولا تستقر لهم الحياة الهنية إلا به وفى ظله، لحمايته وحماية الدعوة إليه وبقائهما قائمين، من غير أن يظن ظان أنه يهدف إلى التوسع في امتلاك الأراضي، لأن التاريخ شاهد عدل يشهد بأن المسلمين في جهادهم وحروبهم مع الكفار لم تكن لهم نية في الاستيلاء على أراضي المحاربين وقهر أهلها واستعبادهم لأغراض تتنافى مع الإنسانية ومساعدتها على النهوض بنفسها من كبوتها بمرور سنوات التعسف والظلم التي ناءت بأثقالها قرونا طوالا، فجاء الإسلام لنشر العدل والرحمة والأخوة الحقيقية لا الزائفة، والتاريخ شاهد أيضا بأن الدعاة إلى الإسلام والفاتحين منهم لم يقهروا سكان الأوطان التي حلوا بها ولم ينتزعوا منهم أراضيهم ليعطوها إلى إخوانهم وأبناء عمومتهم مثل ما فعله المستعمرون في الأراضي التي استولوا عليها بالقهر والقوة من المسلمين، فلم يفعل المسلمون مثل هذا إلا إذا وجدوا من يقف أمامهم في طريق تبليغ الدعوة ويعارض ويقاوم دعوتهم، فإذا استولوا على الأراضي فإنما أخذوها لأن أهلها حاربوا دعوة الله إلى توحيده وقاوموا ناشري شريعة الإسلام.